الشيوعي؛ حيث يقصدون بالتطور أن كل أمر في هذا الوجود يتطور ويتقدّم إلى الأمام في خطوات متتابعة إلى ما لا نهاية -بزعمهم, ويستدلون على ذلك بما قرروه من أن الإنسان كان مائيًّا ثم برمائيًّا ثم بريًّا, ثم عرف الرق, ثم الإقطاع, ثم الرأسمالية, إلى أن عرف الشيوعية الماركسية, وسيتطور فيما بعد -ولا يغيب عن القارئ- وضع الشيعية اليوم؛ حيث أقرَّ الله عيون أهل الإيمان بموتها في عقر دارها, وهذا من الأدلة الدالة على كذب أحلام الملاحدة فيما تصوروه عن التطور المزعوم وأبديته, وانتشار المذهب الشيوعي تلقائيًّا، كما أن هذا المفهوم الذي قرره الملاحدة لتطور الأشياء لم يكن صحيحًا, فإن تطور الإنسان لم يقم على المادة -كما يريده الملاحدة, بل قام الإنسان نفسه وعلى حسب ما تمليه عليه حاجته إلى الأمور, أما المادة الصماء فإنها عاجزة عن تطوير نفسها, فكيف تعمل لتطوير غيرها؟
فوجود المادة لا يطور أحدًا, وليس وجودها كافيًا لتطور الإنسان, ومعلوم أن المادِّيين -وهم جاهدون وجادُّون- في محو كل القيم الإنسانية, أو أي شيء يؤدي إلى احترام إنسانية الإنسان، معلوم أنهم يعرفون تلك الحقيقة, ولكنهم يتحاشون البوح بها لئلَّا يؤدي ذلك إلى حترام القيم والمثل والتهذيب الديني للإنسان بجعل كل الفضائل للمادة خير من جعلها للإنسان في ميزان الملاحدة؛ إذ المادة لا خطر من ورائها, ولا يؤدي احترامها إلى فرض القيم الدينية التي يخافونها, التي تذكرهم استبداد الدين النصراني المحرَّف.