وغذائه المادي والروحي مطالبة حثيثة، وليس فيها أنه لا يجوز أن يغلب جانب منهما على آخر إلى حد الإهمال -كما قررته الشيوعية, فهذا التوازن لا يوجد إلّا في الإسلام؛ لكي يتمَّ التوازن الحقيقي بينهما، فإن الإسلام لا يقدّس الجسد وشهواته الحسية فقط, ولا يقدّس الروح إلى حدّ الغلوِّ فيها, وإنما الإسلام يوازن بينهما ويجعلهما شريكين متماسكين لا متصارعين -كما هو حال الأنظمة الجاهلية المادية.
ويمكننا القول بأنه إذا كان ظهور الشيوعية كنتيجة مادّية قامت بالعنف والجبروت, فقد رأينا نهايتها المخزية، بينما الإسلام قد قام على العقيدة الصحيحة والعدل التامّ, انتصر وتأثر به الناس وأحبوه, وأحدث في أنفسهم قوة جبَّارة كانت كامنة, ففجَّرها الإسلام وأنار الأرض كلها, ولم يقم على العنف ولا الصراع المادي والطبقي لاستناده إلى عناية الله تعالى به؛ لأنه حق, والحق دائمًا هو الباقي, وأما الزبد فيذهب جفاء، فلو أنَّ الإسلام كان ظهوره بسبب عوامل مادية لانتهي بانتهاء تلك الحال, أو لوجب أن تنشأ قوة مثله كلما تكررت تلك الحال التي افرتضها الملاحدة لظهور الأنبياء والمرسلين, والشرائع التي أتوا بها, وهم لا يقولون بذلك ولا يقرونه, فظهر تناقضهم واضحًا {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} ١.