للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولاشك أن القارئ يدرك تمامًا أن هذا التقسيم وهذا التنظيم إن هو إلّا محض خيال وافتراء, ومن العجيب أنهم يعترفون أن الناس في ذلك الزمن ما كانوا يعرفون الحضارة ولا التقدّم ولا القراءة ولا الكتابة, فمن أين لهم هذه السجلات التي استقوا منها هذه المعلومات الموغلة في القدم, ومن يصدق مثل هذه الترهات {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ١.

والإنسان في مفهومهم مرة يجعلونه بدائيًّا تافهًا, بل حشرة من الحشرات, ومرة يجعلونه أساس التطور حينما كان يعيش على نظام كل شيء مشاع, ولهذا فهم يريدون أن يرجعوا الناس إلى تلك الحال التي يعبِّرون عنها بالحال السعيدة للمجتمع البشري, والباطل لا بُدَّ وأن يتناقض أهله فيه.

فالأسرة في ظل الشيوعية كما عبَّر عنها "إنجلز" لا تسعد إلّا في حال إلغاء الملكية الخاصة وذوبان الأفراد وكل مصالحهم في المجتمع العام, وظهور شيوعية الجميع في الأحوال والنساء والأطفال الذين تنتقل العناية بهم من الآباء والأمهات إلى المجتمع كلَّه متمثلًا في الدولة -أي: إذا سادت الحياة البهيمية.

يقول "إنلجز": "إن العلاقات بين الجنسين ستصبح مسألة خاصَّة لا تعني إلّا الأشخاص المعنيين, والمجتمع لن يتدخَّل فيها, وهذا سيكون ممكنًا بفضل إلغاء الملكية الخاصة, وبفضل تربية الأولاد على نفقة المجتمع, ونتيجة


١ سورة البقرة، الآية: ١١١.

<<  <   >  >>