وكذلك سائر القيم من العفَّة وسيطرة الأب والتدين وترابط الأسرة والتعاون الجماعي, كل ذلك كان صوابًا في وقته، ولكن بعد سرعة التطور والوصول إلى الشيوعية الماركسية يجب أن تعتبر تلك القيم كلها باطلة ويجب محاربتها؛ لأنها لم تعد مناسبة للأحوال الاقتصادية للمجتمع الشيوعي الجديد -أي: بعد تلك التطوارت الخيالية- التي تصورت في أذهانهم عن نشأة الكون وما فيه, وكذا القيم والأخلاق وسائر أنواع السلوك, وهكذا وقف الملاحدة ضد الأسرة كما وقفوا ضد الدين؛ إذ الأسرة لا تبعد في الواقع عن التدين؛ ولأن معنى قيام الأسرة منع الفوضوية الجنسية التي ينادي لها الملاحدة, وقيام الأسرة يحد من ذلك بطبيعة الحال.
كما أنها كذلك تثير مشاعر الأثرة في الوالدين, وتقوي حب التملك من أجل توريث الأولاد ما يملكه الوالدان، ومعنى هذا العودة إلى نشوء الملكية الفردية, وهو ما تحاربه الشيوعية بكل ضراوة, وتبعًا لبغضهم الملكية الفردية فإنه يجب أن يبغض كل شيء يمت لها بصلة, ومن جهة أخرى فإن البديل للأسرة في النظام الشيوعي هو الولاء للدولة والذوبان في النظام والحزب والزعيم والوطن, وليس غير ذلك, بينما نظام الأسرة يشكِّل ارتباطًا آخر غير هذا الارتباط العام الذي لا تسمح الشيوعية إلّا به؛ لأن النظام الشيوعي -ومثله النظم المتجبرة- تريد أن يكون كله في طاعة عمياء للحزب, وولاء مطلق لهم, وجواسيس على بعضهم بعضًا, لا يخرج عنهم أحد, ونظام الأسرة لا يسمح بتنفيذ هذا كما يريدون, فالأسرة لا تسمح بأن يخل بنظامهم الاجتماعي أي أذى, وهذا يحد من نشاط الجاسوسية الدقيقة على كل فرد من أفراد المجتمع، كما أنه يحد من استعباد الدولة للشعب والقضاء على