وهذا التفسير للدين خرافة وسذاجة, وذلك لأنه يعتبر مصدر الدين قوة تخيل البشر وسموّ ذكاءهم لا أنه من الله تعالى, أو عن وحيه؛ إذ لا وجود لذلك في قاموس إلحادهم, فكيف يكون الدين من خيال البشر وله هذه المكانة في النفوس منذ أن وجدت البشرية إلى أن تنتهي؟ ألم تظهر روايات وقصص وكتابات خيالية لا حدود لها؟ ثم تنتهي في مدة وجيزة ولم يعد أحد يتأثر بها مع أنها أحيانًا نابعة من أعماق كبار الشعراء الذين يسميهم الملحدون أنبياء, ومن أعماق كبار أصحاب الفكر والأدب, ثم كيف تجمع البشرية على احترام التدين إلى هذا الحدّ لو كان ما يقوله الملحدون صحيحًا من أن التدين خيالات وفن؟ ولماذا نجح الأنبياء على طول الأزمنة وبقي ما خلفوه حيًّا في قلوب الناس, بينما تموت أفكار البشر وتنسى، بل وتمل على مر الزمان رغم تفنن أصحابها في الفصاحة, كذلك يقال لهم لو كان التدين يرجع إلى الذكاء؛ لكان لكل شخص دين يخصه يتوافق مع ذكائه وذوقه؛ لاختلاف الناس في الذكاء وفي الرغبات, ولما أمكن التفريق بين من يعمل الخير ومن يعمل الشر؛ لأن الخير والشر يصبحان لا ضابط لهما لاختلاف العقول والأديان من فرد إلى فرد، وهل الواقع يدل على هذا؟ أم أنه يدل على أن الناس يشتركون في دين حتَّى ينسخه الله بغيره, كما هو الحال في الأديان المنزَّلة على امتداد تاريخ البشر؟
كما أن هذا التفسير الإلحادي للدين يجعل كلمة النبوة أو ختم النبوة أمر لا معنى له؛ لأن النبوة إنما هي مجموعة صور خيالة جميلة, لا أن هناك إلهًا هو الذي يختار لها الشخص الذي يريده, وهو مفهوم شاذٌّ بالنسبة لما