للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أطبق عليه عامة الناس, وهل يصح أن يُلْتَفَتَ إلى كلام ملحد في آخر الزمان ويغفل إطباق تلك الملايين التي لا يعلم عددها إلّا الله وحده, فاتضح أن كل تفسيرات الملاحدة للدين أو استعمالهم لكلمة دين إنما يراد بذلك إمَّا المغالطة أو النفاق، وإمَّا أن نسميها سذاجة لبعدهم عن معرفة الدين, وجهلهم بكل حقائقه, فهم لا يفرِّقون بين الاتجاه الخاص بالدين وبين الاتجاهات الجاهلية التي أفرزتها عقول جاهلية ادَّعت معرفة كل شيء, ومن أعجب الأمور أن يسموا الدين الذي أطبقت البشرية على تقبله خيالات, ويسمون إلحادهم وخيلاتهم التي يردها العقل والواقع علميةً, وأين الثرى من الثريا؟

إن تفسير الملاحدة للتديُّن عن الإنسان كله كذب وافراض وهمي خيالي, فقد تصوروا في خيالهم أن نشأة الإنسان وظهور التدين عنده, ونشأة القيم والأخلاق إنما قامت على المادة وحدها, ومن المعلوم بداهية أنه مرت قرون عديدة والبشرية كلهم على التدين وعلى التعلق بإله قادر مهما اختلفت عبادتهم وعقائدهم وعبارتهم, فهل يلغي كل ذلك الاتفاق في تلك القرون السحيقة التي لا يعملها إلّا الله, ويؤخذ فيها برأي الملاحدة الشاذين, هذا ليس بمنطق صحيح أبدًا, وهل ما تصوروه من تطور الإنسان بسبب المادة يعضده دليل عقلي -إذ لا يوجد لهم دليل شرعي- إنه مجرد تحكّم أن يقسِّموا البشر إلى مجتمعات بدائية ومجتمعات زراعية ومجتمعات صناعية, وأن التدين في كل مرحلة كانت له أسبابه المادية، إنه تحكم كاذب, فمن أين لهم صحته، وهل شهدوا خلق السموات أو الأرض أو خلق أنفسهم؟!

<<  <   >  >>