لقد جازف هؤلاء الملاحدة وافترضوا ما لم يحيطوا بعلمه, وطرقوا ما لا مجال لهم فيه, وكذَّبوا البشر قاطبة، وكذَّبوا الواقع الذي يشهد بتفاهة تفسيرهم للتدين ولكل القيم الإنسانية الثابتة بما فيها التدين الصحيح, ومن يصدقهم في أنَّ الصفات الثابتة في الإنسان سببها الجوانب الاقتصادية, ومن يصدقهم أن الرغبات الجنسية وحب الانتقام والثأر والإحساس بالرحمة والحزن والفرح والبخل والكرم إنما يعود إلى الناحية المادية فقط, دون أن تكون تلك الصفات وغيرها صفات أساسية في فطرة الإنسان، تلك الفطرة التي حاربتها الشيوعية اليهودية؛ لكي يسهل عليهم استعباد البشر وإخراج الجوييم عن شريعة الله تعالى إلى شريعتهم الحاقدة على جميع البشر.
نعم, إن الإنسان حينما يقف عاجزًا عن معرفة سر هذا الكون, ويتفكَّر في خلق الله والأرض والنجوم وسائر الأفلاك, وتتابع الليل والنهار, والحياة والموت, وسائر ما أوجده الله في هذا الكون, إذا فعل الإنسان ذلك يجد نفسه عاجزًا عن إدراك كل هذا، وحينئذ يعرف بفطرته أن هناك موجد عظيم لهذا الكون هو أقوى منه, يستحق أنه يخضع له وأن يعبده ويرجو ثوابه ويخاف عقابه، لا أن يعتقد أن المادة خلقته, فإن التفكر في كل ذلك يهدي إلى الاعتراف بخالق عظيم قدير حكيم لا أنَّ للمادة معه, بل هي مخلوقة له حدثت بعد أن لم تكن، وهذا هو ما اعترف به الملاحدة في أنفسهم وجحدوه ظاهرًا تعصبًا لنظرياتهم الفاسدة, وقد ذكر الله -عز وجل- كثيرًا من عجائب هذا الكون, ورغَّب الناس في التفكر فيه واستخلاص العبر, فذكر سبحانه: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ