الصفات التي وردت له في التملود من تعلقه ببني إسرائيل, وتدليله لهم, وغضبه أحيانًا عليهم, ثم يضرب وجهه ويندم ويبكي ويلعب مع الحوت الكبير, ويقص شعر حواء ... إلى آخر تلك الصفات التي تدل على سقوط المتصف بها فضلًا عن اعتقاد احترامه.
ولكننا لا نبحث عن هذه الإله, ولا عن الإله الذي اعتقدت الشيوعية فيه أنه يحابي الظلمة, أو أنه لا وجود له إلّا في أذهان الرجعيين؛ لأنه غير منظور وغير موجود, متجاهلين أنه ليس كل موجود حتمًا يرى، كوجود الهواء الذي نحسّ به ولا نراه، ووجود العقل في الإنسان؛ إذ نفرق بين المجنون وبين العاقل، ووجود الروح؛ إذ نفرق بين الحي والميت, وأمثلة لا تحصى، إننا نؤمن بإله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, إله يعلم السر وأخفى, إله خلق فسوى, وقدَّر فهدى, وأخرج المرعى, فجعله غثاء أحوى، إننا نؤمن بهذا الإله الحق, ونكفر ونلعن من يشك في وجوده.
ولقد تيقَّن كل إنسان أنه لم يخلق نفسه, وأن فاقد الشيء لا يعطيه, فلا المادة ولا الطبيعة خلقت أحدًا؛ إذ هي مخلوقة مقهورة، كما أنه لا يجرؤ أحد على أن يقول: إنه يخلق شئًا ما, أو أنه خلق نفسه أو غيره, وقد استيقن بهذا حتى أكابر الملاحدة, وما جحد من جحد منهم وجود الله إلّا عنادًا واستكبارًا وبغضًا للكنيسة ورجالها, ولقد صاح المفكرون في أوروبا وشهدوا على النصرانية والإلحاد بالضلال, وهذه الشهادة الصادرة على ضلال هذه الطوائف من أهلها لهي أكبر دليل على أنَّ الإلحاد لا استقرار له ولا مكان له, وإنما هو زوبعة عارضة ستنتهي إن شاء الله كما انتهت سائر الأفكار الباطلة, ومن الذين شهدوا على ذلك: