تضمن استمرار الحياة سليمة عن الخراب والتداخل؛ إذ الشمس تجري لمستقرٍّ لها, والنجوم زينة للسماء, والقمر ضياءً, والرياح لواقح, والسحب تحمل المطر, والليل في وقته, والنهار وفي وقته، كلها تجري لصالح الإنسان ولبقاء الحياة هذه الدهور التي لا يعرف لها وقت إلّا الله تعالى، بل والإنسان نفسه أعظم آية، كيف أوجدته الصدفة من العدم, وكيف وجد الإنسان الحي من مادة ليس لها حياة. "إن التفسير الميكانيكي يعجز هنا عن إقرار أن سببًا واحدًا خلق الكون, وأن هذا السبب نفسه يقوم بتدبير شئونه في نفس الوقت، وأن هذا التفسير نقيض وجود إلهين اثنين، فمن ناحية يقدّم لنا هذا التفسير نكتة قانون الصدفة؛ لشرح الحركة الأولى التي وقعت في المادة الراكدة، ولكن هذا التفسير من ناحية أخرى يعجز عن تقديم تفسير مقنع لتسلسل الحركة بواسطة تلك الصدفة نفسها التي وقعت "صدفة" للمرة الأولى, لذلك وجب البحث عن إله آخر لشرح هذا الجزء الأخير من التفسير الميكانيكي"١.
وقد وجدوه بزعمهم في مبدأ التعليل الذي زعموا فيه أن الكون ابتدأ في الوجود إثر حركة المادة وانفجارها الذي سبق ذكره وعرفت سخافته وبطلانه.
وحينما قام الإلحاد وأنكر الإله على أساس أن الكون خاضع لتلك القوانين المعنية, وأن كل حدث له سبب, وأن قوانين الارتقاء قد تكلّفت بإتمام كل موجود, وأن الكون كله تكون من مادة حسب سخافاتهم, فلا حاجة إلى القول بوجود إله خلّاق مدبر لهذا الكون, وبالتالي أخذ عظماء الكفر والإلحاد يتبجحون