للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالحديد والنار, أصبح العامل يعمل لصالح الدولة لا لصالحه, مقابل كفالة الدولة لطعامه وشرابه ببطاقته الشخصية بما يسدُّ حاجته الضرورية فقط.

وتبيَّن بوضوح تامٍّ بعد فوات الأوان أن مناداة الشيوعية بنزع الملكية الفردية وحصرها في الدولة أنه من أحمق الحلول وأبعدها عن مصالح الشعوب, فهي تقتل الحوافز المشجعة على العمل والتفاني فيه والإخلاص في القيام به, فأي إخلاص سيأتي للعمل الذي لا يملك من وراء كدِّه وتعبه غير لقمة العيش والباقي لغيره, ولقد أحسَّ الملاحدة هذه الهوة قبل أن تكتسح الشيوعية في مهدها, فشدَّدوا قبضتهم على الناحية الصناعية؛ إذ يعرف المقصِّر في أي قطعة فيعاقبونه عقابًا صارمًا قد يؤدي إلى قتله أمام زملائه, فانتظمت له الناحية الصناعية نوعًا ما, بينما فشلت مراقبتهم في الناحية الزراعية فشلًا ذريعًا لصعوبة مراقبة الفلاحين, وظهر هذا واضحًا في البلاد الشيوعية في تخلفها في مجال الزراعة، بل وفي مجال الصناعة؛ إذ لا مقارنة بين الصناعات الغربية والشيوعية, ومن المعلوم أن الملكية الفردية هي نزعة فطرية في كل إنسان لا يمكن أن يتجاهلها, ولا يمكن أن يتغلَّب على فطرته في مقاومتها كي يتركها بطوعه، ولعل هذا الجانب كان من أهم العوامل التي أسرعت بانهيار الشيوعية رغم قوتها التي ما كان أحد يحلم بأنها ستسقط جثَّة هامدة في تلك الفترة الوجيزة من صحوة الشعوب الأوروبية الشرقية في ولاية "جورباتشوف" الذي تولَّى رئاسة الاتحاد السوفيتي بعد "برجينيف" و"يوري أندروبوف", كما تبيَّن كذلك أنّ التحريش بين الفقراء وأصحاب الأموال إنما هي خدعة لصرف الأنظار عن مقارعة

<<  <   >  >>