للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه, ولهذا فقد وجد أصحاب الأعمال على أختلاف دياناتهم أن المسلم الملتزم أتقى في عمله وأخلص في أداء واجباته, ولقد كانت أعمال المسلمين وأفعالهم بمثابة دعوة إلى الله تعالى في تعاملهم مع غيرهم, وأسلم الكثير من الناس بسبب تلك الأمانة والإتقان الذي اتصف بهما العامل المسلم، ومن المعلوم لدى جميع العقلاء أن الأجير يستحق أجرته عندما يتقن عمله ويسلمه لمن استأجره حسب الاتفاق بينهما في المدة والجودة والإتقان.

ولهذا فقد حذَّر الإسلام من عدم الوفاء للعامل بأجرة عمله, وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: قال الله -عز وجل: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة, رجل أعطى بي ثُمَّ غدر, ورجل باع حرًّا فأكل منه, ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يوفه أجره" ١.

كما حثَّ الإسلام الأجير أن يكون كريم النفس وفيًّا صاحب همة وخلق, فقد أخبر الله عن نبيه موسى -على نبينا وعليه الصلاة والسلام- أنه استأجره صاحبه ثماني حجج, فإن أتمَّ عشرًا فمن عنده, فوفَّى بذلك وزاد على الاتفاق, فوفَّى العشر كما يذكره أصحاب التفسير"٢.

كما يجب أن يكون صاحب العمل كذلك على خلق وأمانة, فلا يشق على عامله كما قال صاحب موسى له: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} ٣، وقد كان كذلك.


١ صحيح البخاري ج٢، ص٧٩٢.
٢ انظر "تفسير القرآن العظيم" ح٣، ص٣٨٦.د
٣ سورة القصص، الآية: ٢٧.

<<  <   >  >>