منها, وإنما هو يخاطب ضمير الإنسان وصفة الكرم فيه وترغيبه في الأجر والثواب؛ لتشجيعه على فعل الخير تجاه الآخرين عن رضًى واقتناع, فيقنعه في داخل نفسه بأن المال كله ومالكه أيضًا هو ملك لله, وأن الله تعالى هو الذي يرزق ويخلف الخير بأفضل منه, والصدقة بعشر أمثالها ويضاعفها أضعفًا مضاعفة, فلهذا نجد أن المسلم يقدِّم ما يقدِّم من الخير وهو قرير العين لا يفكر في أخذ مقابل من أحد {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} ١.
وقد خلت الأنظمة الوضعية من هذه الصفات كلها.
المسألة الثانية: الاتفاقيات في العمل
الإسلام وهو يحث على العمل والضرب في الأرض يعتبر كذلك أكل الرجل من كسب يده من أشرف المكاسب, لم يترك الإسلام أمر العمل دون ضوابط بين العاملين وأصحاب العمل تضمن عدم النزاع وعدم انقطاع العمل دون الوصول إلى نهايته, لذلك نجد أن الإسلام يأمر قبل إبرام أيّ اتفاق في العمل رضا جميع الأطراف دون أي تدخل أو ضغط خارج عن رغبتهم في صفقة العمل المراد القيام به والاستفادة منه, وأن تكون المدة بين الأطراف كذلك محددة لا شبهة فيها, ولا تقبل التأويل, وإذا كان العمل يتطلَّب أن تقوم به جماعة أو فرد, فيجب أن تكون الأجرة معلومة ومتَّفق عليها, وهذه الضمانات كلها كي تنتظم الأمور ولا يحصل الضرر ولا الغرر, فينتج عن ذلك التراضي وجودة العمل ومراقبة الله