للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكريم أن كبار آكلي الربا زعموا أن البيع مثل الربا لا فرق بينهما في ميزانهم الخاطئ, وهي مغالطة بيَّنَها الله بأنَّ الفرق بينهما أن البيع حلال وأن الربا حرام, ومنهم من يزعم أن الربا لا يصدق على الزيادة الفاحشة التي أخذ فيها المرابي أضعاف ما أقرضه وهي شبهة باطلة, فإن الربا يصدق حتى ولو كان يسيرًا ما دام, وقد أخذ عن طريقه مع أنهم يعلمون أن الربا يضاعف فيه الدين عند عدم السداد, ومن الناس من زعم أن الربا في حال الضرورة جائز بالنسبة للمضطر, بحكم أن الضرورات تبيح المحضورات, وهذا تحايل لاستحلال الربا المحرّم, فالربا طريقة واضحة, والضرورات كذلك لها طرق واضحة وضوابط بخلاف الربا. والحاصل أن المسلم يجب أن يبقى بعيدًا عن أي شبهة توصّله إلى الربا, وأن لا ينخدع بزخارف أقوال المرابين مهما اختلقوا لها من شبهات وحيل كاذبة لاستحلال تعاملهم به.

- تعقيب:

اتضح مما سبق أن الربا محرَّم بجميع أشكاله وتحت أي مسمَّى كان, وأن أضرار الربا ليست قاصرة على من قَبِلَه فقط, وإنما تتعدَّى أضراره إلى كل طبقات المجتمع بما فيهم المرابي نفسه؛ من حيث سخط الله على صاحبه, ووكذا نظرة الناس إليه, ونظرته هو نفسه إلى العمل والجد, بالإضافة إلى ظهور أضرار اقتصادية عامَّة, وأضرار أخلاقية, وأضرار اجتماعية؛ حيث ينشأ عن ذلك استمرار الغني في غناه والفقير في فقره, وسوء توزيع وتداول المال بين أفراد المجتمع, فتزداد البطالة, ويظهر الخلل العام في كل أفراد

<<  <   >  >>