للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو إِسْحاق إِبْراهِيم بن جابر الفقيه الذي تقلد بعد ذلك القضاء: "لما ولي أبو عُمَر مُحَمَّد بن يُوسُف القضاء؛ طمعنا في أن نتتبعه بالخطأ لما كنا نعلم من قلة فقهه، فكنا نُسْتَفتَي، فنقول: امضوا إلى القاضي، ونراعي ما يحكم به، فيدافع عن الأحكام مدافعة أحسن من فصل الحكم على واجبه وألطف، ثم تجيئنا الفتاوى في تلك القصص فنخاف أن نخرج إن لم نفت، فنفتي، فتعود الفتاوى إليه فيحكم بما يفتي به الفقهاء فما عثرنا عَلِيه بخطأ".

وقال القاضي عياض في "المدارك" معلقًا على كلام ابن جابر هذا: "لم أسمع من وصفه بهذا الوصف سوى صاحب هذه الحكاية، ولعله كان في مبتدأ أمره".

وقال عَلي بن مُحَمَّد بن الحسَن الحرْبي: "كان يقال: إن إِسْماعِيل القاضي: بكاتبه، ويُوسُف القاضي: بابنه، وأبو الحُسَيْن ابن أبي عمر: بأبيه، والوصف في جميع هذه الأمور عائد إلى أبي عمر". وقال أبو إِسْحاق إِبْراهِيم بن أَحْمَد الطَّبَري: "سمعت بعض شهود الحضرة القدماء يقول: كنت بحضرة أبي عمر القاضي وجماعة من شهوده وخَلَفائه الذين يأنس بهم؟ فأحضر ثوبًا يمانيًا، قيل له في ثمنه خمسين دينارًا، فاستحسنه كل من حضر المجلس، فقال: يا غلام، هات القِلانسي، فجاء فقال: اقطع جميع هذا الثوب قلانس، واحمل إلى كل واحد من أصحابنا قلنسوة، ثم التفت إلينا فقال: إنكم استحسنتموه بأجمعكم، ولو استحسنه واحد لوَهْبته له، فلما اشتركتم في استحسانه لم أجد طريقًا إلى أن يحصل لكل واحد شيء منه إلا بأن أجعله قلانس، فيأخذ كل واحد منكم واحدة منها".

وقال أبو عُمَر القاضي: "قدَّم إلى ابن النديم ابن المنجم في شيءٍ كان بينهما، فقال له ابن المنجم: إن هذا يُدل بخاصة له عند القاضي، فقال أبو عمر: ما أنكرها! وإنها لنافعة له عندي، غير ضارة لك، إن كان الحق له كفيناه مؤنة اجتذابه، وإن كان عَلِيه سلمناه إليك من غير استذلال له".

<<  <  ج: ص:  >  >>