للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّري الفاضل مُحَمَّد بن عَبْد الله بن الحَسَن فخلصهم جميعًا، ومن الجائز أَن يكون ابن أبي داود قبل نفيه من بَغْداد وقعت له مثل هذه الواقعة، ولكن كان أهل بَغْداد أعقل من أهل أَصْبَهان، فاقتصروا على نسبته إِلى النصب ونفيه من بَغْداد، وعلى كل حال فقد أساء حد الإِساءة بتعرضه لهذه الحكاية من دون أَن يقرنها بما يصرح ببطلانها، ولا يكفيه من العذر أَن يقال: قد جرت عادتهم في المذاكرة بأن يذكر أحدهم ما يرجو أن يغرب به على الآخرين بدون التزام أَن يكون حقًا أم باطلًا، لكن الرجل قد تاب وأناب كما تقدم، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولو كان الذنب كفرًا صريحًا، وبعد التوبة لا يجوز أَن يطعن في الرجل بما قد تاب منه ولو كان كفرًا".

وقال ابن عَدِي في "كامله": "كان في الابتداء ينسب إِلى شيء من النَّصْبِ، فنفاه ابن الفُرات من بَغْداد إِلى واسط، فرَدَّه ابن عِيْسى، فحدَّث، وأظهر فضائل عَلِي، ثم تَحَنْبَل، فصار شيخًا فيهم".

وقال الخَطِيْب في "تارِيْخه": "وكان ابن أبي داود يتهم بالانحراف عن عَلِي والميل عَلِيه".

قلت: قد رُوي عنه أنَّه تبرّأ من ذلك، قال الخَطِيْب في "تارِيْخه": أخبرني عَلِي بن أبي (١) عَلِي، نا أبو الحَسَن أَحْمَد بن يُوسُف الأزرق (٢)، قال: سمعت أبا بَكْر بن أبي داود غير مرة وهو يقول: كل من بيني وبينه شيء أو ذكرني بشيء -شك أبو الحَسَن-، فهو في حل إِلَّا من رماني ببغض عَلِي بن أبي طالب.


(١) هو أبو القاسم التَّنْوخي، قال ابن خيرون: قيل: كان رأيه الرفض والاعتزال. وقال شُجاع الذُّهْلِي: كان يتشيع، ويذهب إِلى الاعتزال. وقال الخَطيْب: كان مُتَحَفِّظًا في الشهادة عند الحكام، صدوقًا في الحدِيث. "النُّبُلاء" (١٧/ ٦٥٠).
(٢) هو أبو الحَسَن التَّنْوخي، قال الخَطِيب في "تارِيخه" (٥/ ٢٢١): كان سماعه صحيحًا، وذكر مُحَمَّد بن أبي الفوارس أنَّه كان مشتهرًا بالاعتزال داعية إِليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>