وأخرج الخَطِيْب في "تارِيْخه": بإسناد صحيح أن الصّولي قال:
"كنت أقرأ على أبي خَلِيْفَة كتاب "طَبَقَات الشعراء" وغير ذلك، قال: فواعدنا يومًا، وقال: لا تخَلَفوني فإني أتخذ لكم خبيصة، فتأخرت لشغل عرض لي، ثم جِئْتُ والهاشميون عنده، فلم يعرفني الغلام، وحجبني، فكتبت إليه:
أبا خَلِيْفَة تجفو من له أدبٌ … وتُؤثِرُ الغُرَّ من أولاد عباسِ
وأنت رأسُ الورى في كل مَكْرُمَةٍ … وفي العلوم وما الأذنان كالرّاس
ما كان قَدْرُ خَبِيْصٍ لو أذِنْتَ لنا … فيه فَيخْتِلطَ الأشرافُ بالناسِ
فلما قرأها صاح على الغلام، ثم دخلت، فقال: أسأت إلينا بتغيُّبِك، فظلمتنا في تعتُّبك، وإنما عقد المجلس بك، ونحن فيما فاتنا بتأخرك؛ كما أنشدني التوزي لمن طلَّق امرأته، ثم ندم، فتزوجت رجلًا، فمات حين دخل بها، فتزوجها الأول، فقال:
فَعادَتْ لنا كالشمسِ بعدَ ظلامِها … على خير أحوالٍ كأنْ لم تَطَلَّق
ثم صاح: يا غلام أعد لنا مثل طعامنا، فأقمنا عنده يومنا".
وفي "محاضرات الأدباء": "مدح أبو خليفه رجلًا فلم يكن منه ما يُحبُّ فقال: لله دَرُّ الكُمَيْت حيث يقول:
وقَرَّظْتُكُمْ لو أنَّ تَقْريظَ مادحٍ … يواري عوارًا من أديمكم النَّعْلِ
قال ابن عَبْد الهادي في "طَبَقَاته": "الإمام الثبت، محدِّث البصرة، كان من المعمرين المكثرين الصادقين العارفين".
وقال الذَّهَبِي في "التذكرة": "الإمام الثقة محدث البصرة، كان محدثًا صادقًا مكثرًا عن طبقة الوقت".
وقال في "النُّبَلاء": "الإمام العلامة، المُحَدِّث الأديب، الأَخْبَاري، شيخ الوقت، عُني بهذا الشأن وهو مراهق، فسمع في سنة عشرين ومائتين، ولقي