وقال إِسْماعِيل بن عَلي الخَطْبِي في "تارِيْخه": "اشتهر ببَغْداد أمر رجل يُعرف بابن شَنَبُود يُقْرئ الناس، ويقرأ في المحراب بَحْروف يخالف فيها المصحف، فيما يروى عن ابن مَسْعُوْد، وأُبي وغيرهما، مما كان يقرأ به قبل المصحف الذي جمعه عُثْمان، ويتتبَّعُ الشّواذ، فيقرأ بها، ويُجادل، حتى عظُم أمره، وفحش، وأنكره الناس، فوجَّه السُّلطان، وقُبْضَ عَلِيه في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وحمل إلى دار الوزير مُحَمَّد بن مُقْلَة، وأُحْضِر القضاة، والفقهاء، والقراء، وناظره الوزير بحضرته، فأقام على ما ذُكر عنه ونَصْره، واسْتَنْزله الوزير عن ذلك، فأبى أن ينزل عنه، أو يرجع عما يقرأ به من هذه الشواذ المنكرة، التي تزَيْد على المصحف العُثْماني، فأنكر ذلك جميع من حضر المجلس، وأشاروا بعقوبته، ومعاملته بما يضطره إلى الرجوع، فأمر بتجريده، وإقامته بين الهبنازيين، وأمر بضربه بالدرة على قفاه؛ فضرب نحو العشرة ضربًا شديدًا، فلم يصبر، واستغاث، وأذعن بالرجوع والتوبة، فخلَّى عنه، وأعيدت عَلِيه ثيابه، واستتيب، وكتب عَلِيه كتاب توبته، وأخذ فيه خَطَّه بالتوبة، فَتَقَوَّل أصحابه أنه دعا على ابن مُقْلَة بقطع اليد، فاستجيب له".
قال ابن النديم في "فهرسته": "وهذا من طريف الاتفاق".
وقال ياقوت في "معجمه": "وهذا من عجيب الاتفاق إن صح".
وقال القاضي أبو سَعِيْد الحسَن بن عَبْد الله بن المرزبان السِّيْرافي: "كان ابن شَنَبُود كَثِيْر اللحن، قليل العلم، وكان دينَا، وفيه سلامة وحمق، وقد روى قراءات كَثِيْرة، وله كتب مصنَّفه في ذلك، وكان مما خالف فيه الجمهور، وسئل عنه بحضرة الوزير أبي عَلي ابن مُقْلَة فاعترف به، ولم ينكره، … وله من التصانيف: كتاب "ما خالف فيه ابن كَثِيْر أبا عَمْرو"، وكتاب "قراءة عَلِيه -عَلِيه الصلاة والسلام-"