للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استعداد الكائن العضوي -في أيّ وقت- للتكيف للظروف والمشكلات الجديدة, ومن أمثلة ذلك: المصّ والرضاعة؛ كمخططات حسية وحركية, ومفاهيم المكان والزمان والعدد وقوانين المنطق؛ كمخططات معرفية, وهكذا فإن المخطط أو الصورة الإجمالية العامة يكون وحدة معرفية، أو تصديقًا لهذه الوحدات المعرفية، كما قد يكون تصنيفًا ذهنيًّا للأشياء.

والمبدأ العام في نظرية بياجيه أنه لا يمكن فهم مرحلة معينة من النمو الإنساني إلّا في سياق المراحل السابقة التي نشأت منها, والنمو المعرفي عنده هو تحسن ارتقائي منظم للأشكال المعرفية التي تنشأ من تاريخ خبرات الفرد.

والسمات العامة لهذا النمو تتخذ صورة المتوالية الثابتة من المراحل، وهدفه تحقيق نوع من التوازن بين عمليتي التمثيل والمواءمة؛ بحيث يصبح الطفل أقدر على تناول الأشياء البعيدة عنه في الزمان والمكان، وعلى استخدام الطرق غير المباشرة في حَلِّ المشكلات.

وإذا كان إعداد بياجيه المبكر في ميدان البيولوجيا قد ظهرت آثاره في مفاهيمه السابقة، فإن اهتمامه بميدان الفلسفة "وخاصة علم المنطق" أثَّرَ من نواحٍ أخرى, فقد تناول العلاقة بين المنطق وعلم النفس, وفي رأيه أن هذه العلاقة مزدوجة, فمن ناحية يمكن بناء نظرية نفسية عامة في ضوء علم المنطق الحديث؛ لأن المنطق الحديث بالنسبة إلى علم النفس مثل الرياضيات إلى الفيزياء النظرية, ومن ناحيةٍ أخرى, فإن نمو النشاط المعرفي للفرد يسير سيرًا مطردًا في اتجاه المنطق الحديث, كما تفيد نتائج البحث في علم النفس في إلقاء مزيد من الضوء على علم المنطق نفسه، وهذا ما جعل بياجيه يتجه في السنوات الأخيرة إلى محاولة بناء "إيستمولوجيا تكوينية Genetic Epistemology" و "منطق نفسي Psychologic".

مراحل النمو:

لقد بذل بياجيه جهدًا علميًّا لا نظير له في تحديد خصائص المراحل المختلفة للنمو العقلي، ويمكن تحديد السمات العامة التي تميز هذا النمو فيما يلي:

١- التحسن المتزايد في استيعاب مختلف جوانب السلوك، كأن يتحول المرء إلى التفكير في الأفعال ونتائجها بدلًا من إصدار النشاط الصريح.

٢- التمايز المتزايد للمخططات، وبالتالي توسيع نطاق القدرات لدى الفرد.

٣- تكامل المخطات في تنظيمات هرمية أكثر تركيبًا وتعقيدًا, مما يجعل سلوك المرء أكثر استقرارًا وأكثر قابلية للتحكم والضبط.

<<  <   >  >>