مختلفة، وكلما زاد الصراخ حدةً زادت معه الحركات الجسمية, وهذه الحركات الجسمية التي تصاحب الصراخ تكون إشارةً إلى أن الوليد يريد الانتباه إليه, أي أنها تصبح نوعًا من الاتصال غير اللفظي, وبالإضافة إلى الصراخ, فإن الوليد قد يصدر أصواتًا انفجارية تشبه التنفس العميق, وتصدر دون أن يكون لها معنًى أو قصد, وإنما تحدث بالصدفة البحتة حينما تتصل الأحبال الصوتية بعضها ببعض، وتسمى هذه الأصوات قرقرات "وهي أشبه بصوت السائل الذي يمر فيه الهواء"، ثم تقوى هذه الأصوات وتتحول إلى ما يسمى المناغاة في المرحلة التالية, والتي تعتبر أساس الكلام.
٥- النمو الحسي: تنتاب دراسة النمو الحسيّ عند الوليد صعوبات منهجية خاصة, لعجز الوليد عن استخدام أسلوب التقرير الذاتي, وهو الأسلوب الأكثر شيوعًا في بحوث سيكلوجية الحواس, والمحكّ الوحيد للحكم على وجود النشاط الحسي أو عدم وجوده عند الوليد, هو الاستجابة الحركية لمثيرٍ حسيٍّ, ويقع على عضو الحس موضع الاهتمام "وهو المحك الذي استخدم مع الجنين أيضًا كما بينا في الفصل السابق" وذلك على الرغم من أن الباحث قد يصعب عليه التمييز أحيانًا بين ما إذا كانت الاستجابة الحركية صدرت نتيجة استثارة المثير, أو هي جزء من النشاط الكتلي العام للوليد، ومن ناحيةٍ أخرى, فإن عدم صدور الاستجابة لا يعني بالضرورة عدم وجود الإحساس، فربما يكون المثير المستخدم ضعيفًا، واستخدام المثيرات الأقوى قد يؤذي أعضاء الحسّ التي لا تزال رقيقة عند الوليد, ومع ذلك يمكن القول: إننا نعرف في الوقت الحاضر أن الطفل يكون قادرًا على التمييز الحسيّ منذ ميلاده, وخاصة بالنسبة لحاستي البصر والسمع؛ فبالنسبة للبصر نجد أن الشبكية في العين, والتي تحتوي على خلايا الإحساس البصري, لا تصل إلى نموها الكامل عند الميلاد, ومعنى ذلك أن الوليد قد يكون لديه عند الميلاد عمى ألوان كلي أوجزئي, وخلال الأسبوع من الميلاد يمكن لمعظم الأطفال الاستجابة للضوء بعلامات عدم الارتياح.
أما السمع: فيكون عند الميلاد في أدنى الدرجات, إذا قارنا هذه الحاسة بالحواس الأخرى؛ فمعظم الأطفال يكونون في حالة صمم كليٍّ تقريبًا عند الميلاد, ولعدة أيام, بسبب انسداد الأذن الوسطى بالسائل الأميني. فحتى الأصوات العالية القريبة من الأذن لا تنتج إلّا استجابات ضئيلة في أحسن الحالات, وتظهر علامات الاستجابة للصوت في الفترة من اليوم الثالث إلى اليوم السابع بعد الولادة.
أما حاستا الشم والذوق, فتكونان على درجة كبيرة من النموِّ عند الميلاد