منذ الولادة في بعض الخصائص المزاجية, تظهرها الفروق في معدل النشاط، وتؤلف الاستعدادات التي تنمو فيما بعد, وتتطور إلى سماتٍ للشخصية, وتظهر هذه الفروق على وجه الخصوص في استجابات الطفل للطعام, وفي سلوك البكاء, وفي النشاط الحركي, ولا شكّ أن بعض العوامل المؤثرة في الشخصية تعود إلى فترة ما قبل الولادة، فأيّ اضطراب في بيئة ما قبل الولادة نتيجةً للعمليات الانفعالية للأم, قد تحدث تغيرات في سلوك الوليد، وقد تؤدي إلى حالات النشاط الزائد, أو عدم الاستقرار في سلوكه.
ولا يوجد دليل علميّ -كما قلنا- على تأثير ما يسمى صدمة الميلاد "أي: الصدمة النفسية التي يقال أن الوليد يشعر بها نتيجة الانفصال عن الأم بالولادة" في الشخصية, وربما يكون العامل الأكثر أهمية هو اتجاه الأم نحو الوليد, كما ينعكس في سلوكها، وخاصة اتجاهات الرفض، وكذلك القلق والتوتر والاضطراب الذي تبديه الأم إزاء وليدها، وهو ما ناقشناه بالتفصيل في بداية هذا الفصل.