بالمجموعات الثلاث السابقة، وهم الأصوب في إدراك طبيعة الخبرات التربوية في هذا الطور من النموّ.
وعلى كلٍّ, فإن وجود الطفل في دارٍ جيدةٍ للحضانة, قد يؤثر تأثيرات إيجابية في نموه في هذا الطور، وخاصة إذا كانت الأنشطة التي يقوم به الطفل في هذه الدار مصممة بحيث تستثير النموّ في مختلف مجالاته، فاللعب "والذي يجب أن يكون هو جوهر النشاط في مثل هذه المؤسسات" ينمي الطفل جسميًّا وحركيًّا ومعرفيًّا واجتماعيًّا. ومن مزايا النشاط الحر هنا أن الطفل عادةً يختار نشاطه بإرشاد معلمه أو معلمته، وبهذا تتهيأ له الفرصة للنجاح فيما يختار, وهذا النجاح ينمي في الطفل مشاعر الثقة وتقدير الذات, وبالإضافة إلى ما يتوافر للطفل من ممارسة بعض الأنشطة المعرفية؛ كالعَدِّ وتمييز الألوان, فإن الفرص تتوافر له أيضًا لتنشيط الخيال وحب الاستطلاع والإبداع, كما أنه يتعلم تقدير حاجات الآخرين مع اكتساب المهارة في التفاعل مع الأقران والكبار, وهذه الخبرات لا تتوافر كلها داخل البيت, وبها يتم انتقاله "بسلام" من طور اللعب والملاعبة -الذي يشغل حيزه الزمني السنوات السبع الأولى من حياة الطفل- إلى طور التأديب والتهذيب والتعليم الرسمي في المدرسة الابتدائية في طور التمييز. وتوجد طرق كثيرة يستخدمها المربون مع أطفال ما قبل المدرسة, تتناولها المؤلفات المتخصصة "آمال صادق، أميمة أمين، ١٩٨٥، سعد مرسي أحمد، كوثر كوجك ١٩٨٤".
ولتحقيق أهداف تربية الطفل في سن ما قبل المدرسة, لا بُدَّ من إعداده لذلك, وخاصة أن دخوله دار الحضانة يُعَدُّ خطوةً هامةً في حياته, ولعل أهم ما يجب الحرص على تحقيقه تكوين اتجاهات إيجابية لدى الطفل نحو التعلم ونحو المدرسة، وذلك من خلال جعل هذه المؤسسات التربوية مصدرًا للبهجة في التعلم "سيد أحمد عثمان، ١٩٧٧"، ولعل هذا يبرر إشارتنا إلى أهمية أن يكون اللعب محور النشاط في هذا الطور, أما الربط بين "فكرة المدرسة"، ومظاهر التهديد والعقاب والعمل الشاق, فإنه له أضراره على مستقبل الطفل التعليمي. ولعلنا نشير هنا إلى أن تكوين "الاتجاه الموجب" نحو المدرسة منذ هذا الطور المبكر, قد ينتقل إلى جميع مراحل التعليم التالية, حتى ولو تضمنت بعد ذلك مظاهر التهديد "التقويم، والامتحانات"، والعقاب "الالتزام بقواعد ونظم المدرسة كمؤسسة اجتماعية"، والعمل الشاق باعتبار التعليم سوف يصبح أكثر تنظيمًا وتوجيهًا نحو المستقبل, وكل هذا قد ينقلب إلى ضده إذا كان الاتجاه المبكر نحو المدرسة سلبيًّا منذ إلحاق الطفل بدار الحضانة أو الروضة.