ويمكن للمراهق كذلك أن يبدأ في التفكير على المستوى النظري بدلًا من الاقتصار على حدود الحقائق الملاحظة والواقع الظاهريّ للموقف الذي يوجد فيه "Flavell Flavell", ومن ذلك مثلًا: أن طفل المدرسة الابتدائية "طور التمييز" إذا أُعْطِيَ المقدمتين الآتيتين:
البقرة أكبر من القطة.
القطة أكبر من الفأر.
فإنه يستطيع أن يستنتج بسهولة النتيجة الآتية:
البقرة أكبر من الفأر.
إلّا أن نفس هؤلاء الأطفال يرفضون الاستدلال الآتي على الرغم من صحته المنطقية:
الفأر أكبر من القطة.
القطة أكبر من البقرة.
إذن: الفأر أكبر من البقرة.
والصعوبة التي يواجهونها في تَقَبُّلِ منطق هذه النتيجة الأخيرة أنها تتعارض مع خبراتهم اليومية الملاحظة، ولا يستطيع الطفل في طور التمييز أن يفصل بين الشكل والمحتوى في المشكلة التي يقوم بحلها, أمَّا في المراهقة، ومع وصول الشخص إلى مستوى العمليات الصورية, فإنه يكون قادرًا على هذا الفصل, وبالتالي يستطيع أن يحلل التضمينات المنطقية لمواقف وعبارات افتراضية تمامًا.
وعلى الرغم من أن الطفل في مرحلة التفكير العياني "المرحلة السابقة" يفكر باستخدام الرموز, مما يعينه على إتقان العلميات الرياضية, إلّا أنه يستخدم هذه الرموز في الإشارة إلى مدلولاتٍ محسوسة، ولذلك يسمى الاستدلال في هذه المرحلة "التفكير الإجرائي من الدرجة الأولى".
أمَّا التفكير الإجرائي في مرحلة العمليات الصورية "المراهقة", فإنه يتَّسِمُ بالقدرة على التفكير في "الرموز التي تمثل رموزًا أخرى"، ومن أمثلة ذلك استخدام الرموز س، ص, ع, في الجبر؛ لتحل محل الرموز من الدرجة الأولى, أي الأعداد ١، ٢، ٣, وغيرها في الحساب, وهكذا يصبح المراهق في طور التفكير الصوري في غير حاجة إلى أمثلة محسوسة, أو رموزٍ من الدرجة الأولى حتى يفكر, وهكذا يصبح التفكير مجردًا تمامًا، أي: يصبح قدرةً على المعالجة المنطقية للقضايا والرموز المشتقة من الحقيقة العيانية والمعتمدة عليها، أي: يصبح -بلغة