بياجيه- "تفكيرًا إجرائيًّا من الدرجة الثانية", وبالتالي يستطيع المراهق إيجاد قيمة أكبر الثلاثة في العلاقتين "أ < ب، جـ < ب".
٢- التمييز بين الواقع والمحتمل: لعلَّ القدرة على التمييز بين الحقيقي "أي: الموجود في عالم الواقع", والافتراضي "أي: الذي يحتمل وجوده, ولا يوجد بالضرورة في عالم الواقع" هي أهم خصائص التفكير الصوري الإجرائي, باعتباره أعلى صور التفكير المجرد, معنى ذلك أن المراهق -ثم الراشد فيما بعد- قادران على معالجة جميع ما يحتمل أن يُوجَدَ, وليس فقط تمثيلات "صور" الأشياء التي توجد بالفعل, ومعنى ذلك أيضًا: أن المراهق يستطيع أن يفكِّرَ على النحو التالي: أنه إذا كان أحد جوانب الواقع أو الحقيقة صحيحًا, فإن بعض النواتج يمكن أن تستنتج, ثم يمكن أن تختبر, ويصبح التفكير في هذه الحالة حول القضايا وليس حول الحقائق.
فمن الملاحظ في مرحلة التفكير العياني أن المحتمل أو الممكن يترادف مع الواقعي أو الحقيقي، بينما في التفكير الصوري يُعَدُّ الواقع أو الحقيقة أحد الاحتمالات العديدة الممكنة. إن المراهق في هذا الطور لم يَعُدْ قانعًا بالتعامل مع الخبرة المباشرة, ولكنه يفكِّرُ بشكلٍ مستمرٍّ في البدائل المختلفة, ويستثمر المراهق هذه القدرة الجديدة في التعامل مع مختلف جوانب الحياة: السياسة، الدين، التربية، المستقبل المهني، الألعاب الرياضية، العلاقات الاجتماعية, وغيرها؛ فهو يتعامل مع الأفكار والمثل العليا والأيديولوجيات, وربما لهذا السبب يوصف المراهق بأنه "غير واقعي" أو "مثالي" أو "حالم".
ومع ذلك, فإن التفكير في الإطار الاحتمالي بعين المراهق على تناول البدائل والاختيارات المختلفة للمشكلة الواحدة، فسرعان ما يتحقق من أنه لا توجد طريقة واحدة فقط لحل المشكلة أو المسألة, وهذه المرونة الجديدة في التفكير تسمح له بالتعامل مع الأفكار العيانية والمجردة من منظورات مختلفة، بل قد يفكر في المستحيل, أو في الموقف المضاد, أو بطريقة لا تتفق مع حقائق الواقع "بنظرة ابتكارية أو إبداعية".
وكذلك يمكن للمراهق أن يتوقع وجهة نظر الآخر المعارِضِ له, ويصوغ حُجَجًا مضادة لها, ويمكن استثمار هذه القدرة في أنشطة المناظرات في المدرسة الثانوية.
ومن أهم النواتج المترتبة على نموِّ القدرة على التفكير الاحتمالي ما يلي:
أ- زيادة اهتمام المراهق بمستقبله التعليمي والمهني, ويتمثَّل ذلك في الحاجة