وقد يتسم ذلك بالعشوائية وتكرار المزاوجات, أما المراهق في طور التفكير الصوري, فإنه يستطيع اختبار جميع الروابط الممكنة، ويشمل ذلك المزاوجة بين أكثر من سائلين، وهو بذلك يفكر في إطار العلل "الأسباب" الضرورية والكافية, ومن ذلك مثلًا أن المراهق قد يكتشف أن المزج بين العناصر الكيميائية الثلاثة التي تنتج السائل الأصفر قد يكون ضروريًّا لإنتاج هذا اللون، ولكنه قد لا يكون كافيًا، ولذلك قد يستمر المراهق في إجراء اختباراته للبحث عن صور أخرى للمزج تؤدي إلى نفس النتيجة, أي أن المراهق باحث عن "الأسباب المتعددة" التي تتفاعل معًا، وبالتالي فإن تفكيره لا يكون "أحاديّ الرؤية", أو "حتميّ السببية", أي لا يكون من نوع التفكير في السبب الواحد والوحيد.
٦- الاستدلال متعدد الأبعاد: تعتمد هذه الخاصية على الخاصية السابقة؛ فالمراهق الذي يستطيع الربط بين عللٍ وأسبابٍ متعددةٍ للحدث الواحد, يمكنه التفكير في حلولٍ متعددة للمشكلة الواحدة, ويتطلب ذلك قدرةً على تناول البدائل متآنية "أي: في وقت واحد" من حيث الإيجابيات والسلبيات, ويؤدي ذلك بالمراهق إلى ترتيب البدائل, كما يعينه على الاختيار على تفضيل البديل الأكثر ملاءمة وفعالية في تحقيق هدف "أو أهداف" معينة بأقل قدرٍ من الآثار السلبية, وهذه إحدى القدرات الهامة في التفكير المستقبلي والتخطيطي, ويتطلب ذلك توافر مصادر كافية من المعلومات.
٧- التفكير الفرضي الاستنباطي: في المثال السابق نشير إلى أن المراهقين حين تُعْرِضُ عليهم هذه المشكلة يبدأون في التفكير في جميع الارتباطات المحتملة للعناصر، أو على الأقل, الاحتمالات الضرورية للوصول إلى تحديدٍ كاملٍ للسببية "العلية", وتتوافر لديهم عادةً طريقة منظمة للوصول إلى هذه الارتباطات مثل "١ × ج" إلخ، ثم "١ × ٢ × ج" إلخ, وتفصح لغة المفحوصين بوضوحٍ عن استخدام المنهج الفرضي الاستنباطي hypothetico- deductive في التعامل مع البيانات، مثل استخدام العبارات الشرطية "إذا ... إذن". ومن ذلك العبارة التي جاءت في بروتوكولات أحد المراهقين "إذا كان السائل "٤" ماء, فإنك حين تضعه على المزيج "١ × ٣" لن يمنع ذلك اللون الأصفر من الظهور، وعلى ذلك, فإنه ليس ماء؛ لأنه في الواقع حال دون ظهور اللون الأصفر", وبهذه الطريقة لم يعد المراهق يصوغ عبارات بسيطة حول المعطيات فحسب "السائل ٤ماء"، وإنما أصبح قادرًا على صياغة "عبارة حول العبارات", أو "قضية حول القضايا"، "مثال ذلك عبارة أن السائل ٤ ماء, تتضمَّنَ منطقيًّا أنه لا يمنع ظهور اللون