الأصفر", وهذا نوعٌ من التضمين المنطقي يدل على ما يسميه بياجيه "التفكير بين القضايا", وتعليمات من الدرجة الثانية كما سبقت الإشارة؛ فعبارة السائل ٤ لا يمنع اللون الأصفر من الظهور, لا تدرك في عالم الواقع, وبالتالي تتناول بوضوح "الممكن" و"الحقيقي", وهكذا فإن من خصائص التفكير الفرضي الاستنباطي أنه يتطَلَّبُ من المراهق أن يستدل من حقائق الواقع "الأمبريقي" على المحتمل أو الممكن، ثم العودة إلى الحقيقة الأمبريقة, وهذا النمط من التفكير هو أساسٌ آخر للتفكير العلمي, ويمكن وصفه بالبدء في صياغة فروض من نوع "إذا.... إذن ... ", ويتألف الجزء بعد حرف الشرط "إذا" من فكرة نظرية "أو احتمال"، أما الجزء بعد كلمة "إذن" فيدل على ما يتوقعه المرء من نتيجةٍ إذا كانت الفكرة صحيحة, ويتضمن التفكير الفرضيّ أيضًا القدرة على الوصول إلى الخاصية المشتركة أو المحورية بين مجموعة من الأشياء أو الأحداث التي تبدو غير مرتبطة لتؤلف فئة أو تظرية جديدة, فإذا كان التصنيف أو المبدأ أو القانون صحيحًا, إذن "بالاستدلال الاستنباطي" يمكن التنبؤ بأن أشياء أو أحداث أخرى يمكن أن تنتسب إلى هذه الفئة, أو ينطبق عليها المبدأ. وهذا هو أساس بناء القانون في العلم, بل يفيد التفكير الفرضي في بناء الفرد لفلسفته في الحياة وقيمه وأهدافه.
وجميع سمات التفكير الصوري تجعله أداةً جيدةً للاستدلال العلمي, فقد أظهرت بروتوكولات المراهقين أنهم قادرون على الوصول إلى الحل الصحيح بطريقةٍ قد تُعَدُّ من قبيل الاكتشاف العلمي؛ فالاستدلال الفرضي الاستنباطي، والطريقة الترابطية، وغيرهما من خصائص التفكير الصوري, تزود المراهقين بالأدوات اللازمة لتمييز المتغيرات التي تُعَدُّ سببية، وتثبيت أحد العوامل لتحديد الأثر السببي لعامل آخر، وهكذا, والمراهق يستطيع أن يتخيل التحويلات المختلفة التي تسمح بها البيانات حتى يمكن اختبارها تجريبيًّا، كما يستطيع إعطاء تفسير منطقي صحيح لنتائج هذه الاختبارات التجريبية؛ فمثلًا إذا حدث أنه حصل على اللون الأصفر من المزيج "١ × ٣ × ج" دون غيره، فإنه يستطيع أن يستنتج أن "١ × ٣ × ج" هو السبب الضروري والكافي، أي أن "١ × ٢ × ٣ × ج" قد ينتج هذا اللون, إلّا أن "٢" ليس ضروريًّا, وبهذا يعرف المفحوص أن المشكلة قد حلت.
وهكذا نجد المراهق حين يعمل بأقصى قدرته العقلية فإنه يستخدم هذا النوع من الأسلوب العلمي. إنه لا يندمج ببساطة في التجربة، كما أن تفكيره ليس مقيدًا بالنتائج المباشرة القابلة للملاحظة, إنه يبدأ أولًا بتأمل جميع الاحتمالات "أو الفروض" حول: ما الذي يساعد على سرعة البندول؟ أو كيف نحضر سائلًا