للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذا لونٍ أصفر؟ وبهذا يكون قادرًا على تخيُّل أن هناك عاملًا أو مجموعة من العوامل تحدث النتيجة، ويستطيع أن يستنبط ما يمكن أن يحدث إذا اختبر بعض هذه الحالات "أو الفروض", وعلى هذا فإنه حتى قبل أن يبدأ التجربة يكون قادرًا على وضع خطة أو تصميمٍ لاختبار كل احتمال بديلٍ بطريقةٍ منظمةٍ.

وهذا التطور المعرفي الذي يجعل المراهق يفكر "ذهنيًّا" في المشكلة, دون أن يؤدي بالفعل جميع الخطوات, يمكن أن يلاحظ في جميع مظاهر الحياة اليومية للمراهق, ويصاحب ذلك كله نمو مفهوم الزمن وزيادة القدرة على إدراك المستقبل ووضع أهداف طويلة المدى, فعلى عكس الطفل الذي ينشغل بما هو حاضر الآن, وماثل في المكان, لا يستطيع المراهق أن يدرك الحالة الراهنة المباشرة التي عليها الأشياء فحسب، وإنما يمكنه أن يدرك أيضًا ما يمكن أن تتضمنه وتفترضه. إنه يستطيع عندئذ أن يدرك الفرق بين الواقع والممكن, ولعل هذا يفسر لنا نقد المراهقين لبعض جوانب الواقع الاجتماعي, وانشغالهم ببدائل لما هو واقع. وهذا مثال على القدرة النامية لدى المراهق على استخدام التفكير المؤسس على العلميات الصورية أو الشكلية, إلّا أن هذا قد لا يتجاوز حدود الانشغال في "لعبة الأفكار", ولعل هذا ما دعا بعض الباحثين إلى وصف الاهتمامات المعرفية للمراهقين بأنها لا تتجاوز "الأقوال إلى الأفعال" "Mussen et al ١٩٨٤".

وبالإضافة إلى ذلك, فإن المراهق يكون أكثر وعيًا بالتمييز بين مجرد إدراك الأشياء واختزانها في الذاكرة, والمراهقون أكثر قدرةً على استخدام استراتيجيات أكثر تطورًا كمعينات للذاكرة, بالإضافة إلى أن منظور "زمن المستقبل" لديهم أكثر اتساعًا منه عند الأطفال.

ويشير جون فلافل إلى خاصيةٍ عامةٍ في تفكير المراهقين, وهي ما يسميه "الإحساس باللعبة", أي: وعي المراهق بأن كثيرًا من جوانب الحياة يتطلب توقع الاستراتيجيات وصياغتها وتنميتها حتى يمكنه التعامل مع المشكلات، سواء كانت هذه المشكلات تتصل بالسلوك الشخصي أو السلوك الاجتماعي.

والتغيرات العقلية والمعرفية في هذه المرحلة تلعب دورًا هامًّا في معاونة المراهق على التفاعل مع المطالب التربوية والمهنية المعقدة, فمن المستحيل على طالب المرحلة الإعدادية "أو المرحلة الثانية من التعليم الأساسي" أن يتقن المواد الأكاديمية التي يدرسها دون أن يتوافر لديه مستوى رفيع من التفكير المجرد، أو القدرة على التفكير باستخدام صيغ لفظية ورمزية لا ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالأشياء

<<  <   >  >>