"الخطيئة الأصلية" وركز على تأثير البيئة، وكتابات جان جاك روسو التي وقفت في الاتجاه المضاد, ونتيجة فلسفة روسو في الطبيعة البشرية زاد الاتجاه نحو ما يسميه الطبيعة؛ فالأطفال عنده أخيار بطبيعتهم ما لم تفسده شرور المجتمع والبيئة, وتعد روايته "إميل" التي نشرت عام ١٧٦٢ أوضح تعبير عن موقفه الفلسفي والسيكولوجي, ولم يكن "إميل" مصدره الوحيد, فقد اعتمد أيضًا على ذكريات طفولته هو, والتي وصفها بصراحة في اعترافاته، وخبرته في الإشراف على أطفال الأسر الأرستقراطية في عصره، وقراءاته في الفلسفة وحول الشعوب البدائية التي أوحت إليه بفكرة الهمجيّ النبيل، وملاحظاته العارضة لأطفال الفلاحين الأوربيين, وتمتد فترة الطفولة عنده من الميلاد حتى سن ٢٥ سنة.
وتنقسم إلى أربع مراحل فرعية هي:
١- الرضاعة: "من الميلاد وحتى سنتين من العمر", وفيها يعتمد الطفل على الرضاعة الطبيعية من الأم, وتمثل مرحلة حرجة لنمو الصحة الجسمية والحواس, وتسيطر على هذه المرحلة المشاعر الحيوانية باللذة والألم.
٢- الطفولة: "من ٢-١٢سنة", وتتطلب تعلم القراءة والكتابة, وهي مرحلة حرجة لتنمية القوة الجسمية والنشاط الحركي وتخزين المعلومات, وتسيطر على السنوات الأولى من هذه المرحلة المشاعر الحيوانية باللذة والألم المسيطرة على المرحلة السابقة إلّا أنه بعد ذلك يتحول إلى ما يسميه روسو: "الوحشي النبيل" Noble Savage.
٣- البلوغ: "من ١٢-١٥ سنة", وتمثل المرحلة الحرجة للسلوك الاجتماعي وتنمية الحس الأخلاقي الحقيقي، ونمو الوظائف لجنسية.
أما مرحلة الرشد, والتي تمثل النضج الروحي عنده, فلم يحددها تحديدًا دقيقًا, ولعل مما يستحق الإشارة هنا لتنبيه روسو إلى ما يسميه المراحل الحرجة في النمو, ومعناه أن الطفل لكي يفيد من البيئة وآثارها, يجب أن يحرز درجة ملائمة من النضج الداخلي, ويتم التعلم عنده عن طريق استكشاف الطفل للمبادئ التي تحكم العالم المادي والاجتماعي، وعنده أن التدريس غير المباشر أفضل وأكثر فعالية من التدريس المباشر, وفي جميع الحالات علينا أن ندرك أن الطفل خير بطبيعته