السلوك حين يوجه بالشعور بالذنب يكون موجهًا داخليًّا, بينما سيادة الشعور بالعار يعني أن السلوك لا يزال موجهًا من الخارج, وعلى أية حالٍ, فكلٌّ من الشعورين يتحكَّم في السلوك الخلقي للمراهق الصغير.
والمراهقة هي مرحلة سعي إلى الكمال, ونتيجة لذلك نجد المراهقين يصنعون لأنفسهم وللآخرين معايير أخلاقية مرتفعة يصعب أحيانًا الوصول إليها, وحين يعجز عن تحقيق نموذج "الكمال الأخلاقي" الذي حدده، يشعر المراهق بالذنب, ويعاني من اضطراب الضمير, ولهذا نجد المراهق أكثر استعدادًا من الطفل في تقبل اللوم, إلّا أنه لو زادت حدة مشاعر الذنب عنده، وتكرر حدوثها, قد يشعر المراهق بعدم الكفاءة الشخصية، ويلجأ نتيجةً لذلك إما إلى الهرب في أحلام اليقظة، أو إلى تكوين اتجاه الامبالاة, ومن المؤكَّدِ أن كثيرًا من أسباب شقاء المراهقين الصغار, هي مشاعر ذنبٍ ناجمة عن شعورٍ, بعضه حقيقيّ, ومعظمه متوهم.
وتتميز المراهقة أيضًا بأنها فترة يقظة دينية توضع فيها المعتقدات الدينية التي قد كوَّنَها الفرد في طفولته موضع الفحص والمناقشة والنقد، وتتعرض للتعديل حتى تتفق مع حاجاته الجديدة الأكثر نضجًا, وتستغرق هذه الأمور منه وقتًا طويلًا, ولذلك فإن مرحلة المراهقة يصبغها الاهتمام الديني, ويزيد من اهتمام المراهق بالمسائل الدينية أنه مطالبٌ بممارسة العبادات بشكلٍ أكثر جديةٍ مما كان عليه الحال في الطفولة, بالإضافة إلى أن مناقشاته مع أصدقائه يغلب على موضوعاتها المسائل الدينية، كما أن بعض الحوادث التي تقع له؛ كموت صديق أو قريب, أو الصعوبات التي يواجهها, تجعله يزداد تركيزًا على الدين.
والفحص الناقد لمعتقدات الطفولة قد يقود المراهق إلى الشك, وبالطبع تُوجَدُ فروق فردية وجماعية في خبرة الشكّ الديني لدى المراهقين؛ فهو أشد لدى الذكور منه لدى الإناث, كما أنه أقل حدوثًا لدى المراهقين الذين ينشأون في أسرٍ تهتم بالدين دون مبالغة, وقد يزداد هذا الشعور أو يقل مع نموِّ المراهق, ويتوقف ذلك على طبيعة الخبرات التعليمية التي يتعرض لها في المدرسة؛ فإذا كانت التربية الدينية تُقَدَّمُ للمراهق بشكل صوري، وإذا كانت مقررات العلوم الحديثة التي يدرسها في المدرسة تزيد لديه الفجوة بين العلم والدين, فإن ذلك قد يزيد حدة الشعور بالشك لديه, ويصاحب هذا الشك توتر انفعالي تزداد حدته مع عمق معتقداته الطفلية.