للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٢ سنة أو نحوها" يتم تركيبه وتوليفه مع مطلع المراهقة ليعطي للفرد شعورًا بالهوية الشخصية أو بتحديد الذات.

وهذا الشعور بالهوية الشخصية يتضمن أن يحتفظ الفرد لنفسه بصورة لذاته, فيها التماثل والاستمرار, والتي تتطابق مع التماثل والاستمرار الذي يكوّنه الآخرون عنه, والإضافة إلى ذلك, فإن المراهق يكون في حاجةٍ إلى أن يكتسب وعيًا متزايدًا بأهدافه, وفهمًا واضحًا للعالم الواقعيّ الذي يتعامل معه بأسلوبه في الحياة.

والخطر الحقيقيّ في هذه المرحلة يسميه إريكسون "خلط الأدوار" أو "خلط الهوية"؛ فالمراهق لا يعرف أحيانًا مَنْ يكون بالنسبة لنفسه وبالنسبة للآخرين؛ فالأولاد والبنات يتحولون فيها إلى صورة مصغرة من الرجال والنساء، ويعانون نتيجةً لهذه الصورة من الخلط والاغتراب والانفصال, ويُعَدُّ الشعور بالهوية المشكلة الجوهرية في هذه الفترة؛ فالمراهق يسعى إلى معرفة مَنْ يكون؟ وما دوره في المجتمع؟ وهل هو طفلٌ أم راشدٌ؟ هل يمكنه أن يصبح زوجًا وأبًا, أو يمكنها أن تصبح زوجةً وأمًّا؟ وكيف يكسب عيشه؟ وأيّ مهنة يعمل؟ وفوق هذا كله هل ينجح أم يفشل؟ ولهذا نجد المراهق مهتمًّا بإدراك الآخرين له, ومقارنته بإدراكه لذاته, ويؤدي به عدم القدرة على فهم الذات -أو نقصان الهوية- إلى الخلط والغموض, والفشل في حل هذه الأزمة يؤدي إلى إطالة مرحلة المراهقة، وفشل تكامل الشخصية في مرحلة الرشد.

ومن نوع الميكانيزمات الدفاعية ضد خلط الهوية التي يلجأ إليها المراهقون, التَّقَمُصُ الزائد للأبطال والجماعات والجماهير والغايات, وهو ميكانيزم قد يُفْقِدُ المراهق فرديته مؤقتًا, وبه يعاون المراهقون بعضهم بعضًا على التغلب على أزمة الهوية، وذلك من خلال المجتمع معًا, ويفسر لنا ذلك ظهور الجماعات التي تصبّ المراهقين في قالبها من حيث الملبس والكلام والسلوك والمثل العليا، وهي جماعات لا تتسامح عادةً مع من هم خارجها, وقد ينجم عن ذلك صراعٌ مع الوالدين والإخوة والآخرين القريبين منهم، وقد يمتد ذلك إلى الصراع مع السلطة في المجتمع, وقد يفسر لنا ذلك ظهور الجماعات المتطرفة التي يكون معظم أعضائها من المراهقين والشباب.

أما المراهقون الذين يستطيعون حل مشكلات المراهقة بنجاحٍ, فإنهم يحرزون شعورًا قويًّا بالفردية، بالإضافة إلى اعتراف المجتمع بهم كأعضاء فيه يقبلهم ويقبلونه، وهو شعور صحيٌّ يقود إلى المواطنة الصحيحة والسلوك الاجتماعي السليم.

<<  <   >  >>