للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول تعالى أيضًا:

{يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ} [الزمر: ٦] .

ويفصِّلُ القرآن الكريم المراحل التي يمر بها نمو الإنسان في مرحلة الجنين, يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} [الحج: ٦] .

ونعرض في هذه المراحل كما وردت في القرآن الكريم، أما خصائصها العلمية كما كشف عنها العلم الحديث فسوف نتناولها بالتفصيل في الباب الثاني من هذا الكتاب.

أ- مرحلة النطفة:

ورد ذكر النطفة في القرآن الكريم في اثنى عشر موضعًا على ثلاث معانٍ -كما ذكرنا- وهي: النطفة المذكرة والنطفة المؤنثة والنطفة الأمشاج, وهي النطفة المختلطة من الحيوان المنوي والبويضة عندما يتم الإخصاب, والمعنى الثالث هو الذي يمثل المرحلة الأولى من تكوين الجنين ونموه وتطوره.

وتشير الآيات القرآنية الكريمة إلى الدور الحاسم للوراثة مع التكوين الأولي للنطفة, ويعبر القرآن الكريم عن الوراثة بتعبيره البليغ "التقدير", يقول الله تعالى: {قُتِلَ الْأِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} [عبس: ١٧-١٩] .

وهذه الحقيقة لم يكتشفها إلّا علم الأجنة والوراثة الحديثين, فلم يتأكد دور الجينات -وهي أجزاء صغيرة من الخلية الحية- إلّا عام ١٩١٢, حين أثبت مورجان أن هذه الجينتات تنتقل عبر الحيوان المنوي الذكر والبويضة الأنثوية.

ومن حقائق الوراثة أيضًا التي أشار إليها القرآن الكريم, أن الذكورة والأنوثة في الجنين إنما تكون تابعة لماء الرجل, قال تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى} [النجم: ٤٥-٤٦] .

والنطفة التي تمنى هي نطفة الرجل لا ريب؛ إذ ليس للمرأة مني ولا هو من خصائصها١.


١ يرى عدنان شريف "١٩٨٧-١٩٨٨" إطلاق لفظ المني على ماء الرجل والمرأة, وفي رأينا أن يقتصر اللفظ على معناه الأصلي وهو ماء الرجل.

<<  <   >  >>