وتوجد إشارة قرآنية أخرى إلى ذلك, يقول الله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى، أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى، ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى، فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [القيامة: ٣٦-٣٩] .
والضمير في كلمة "من" يرجع إلى المني, وهو للرجل وليس للمرأة, وهذا حقيقة علمية مؤكدة في علم الوراثة الحديثة, سنوضحها بالتفصيل فيما بعد "في الباب الثاني".
ب- مرحلة العلقة:
ورد ذكر العلقة في القرآن الكريم في خمسة مواضع, ويحدد علماء الأجنة المحدثون هذه المرحلة بالفترة التي تعلق فيها الكرة الجرثومية بجدار الرحم وتنتهي بظهور الكتل البدنية, والتعبير القرآني عن هذه الرحلة بكلمة "علقة" هو أفضل وأدق وصف لها, وهذا ما سنفصله فيما بعد عند تناولنا لهذه المرحلة في نمو الجنين.
ج- مرحلة المضغة:
ورد ذكر المضغة في القرآن الكريم في موضعين؛ أحدهما في سورة "الحج", والآخر في سورة "المؤمنون" والمضغة في علم الأجنة الحديث هي مرحلة يشبه فيها الجنين في مظهره لقمة ممضوغة, وتظهر فيها بالفعل ما يشبه آثر أسنان مغروزة, ومرة أخرى فإن التعبير القرآني عن هذه المرحلة بكلمة "مضغة" لا يطابق فقط الوصف العلمي لها في علم الأجنة بل يتفوق عليه, وسوف نفصل ذلك عند عرضنا لهذه المرحلة في الباب الثاني من هذا الكتاب.
ويذكر القرآن الكريم أن هذه المضغة قد تكون مخلقة أو غير مخلقة.
ويفسر بعض العلماء المعاصرين ذلك "عدنان الشريف، ١٩٨٧-١٩٨٨" بثلاثة معانٍ هي:
١- خلال مرحلة المضغة يكتمل تكوين الأغشية والحبل السري وجزء من المشيمة, وهي أجزاء من المضغة تحيط بالجنين وتحميه وتغذيه, إلّا أنها تسقط وتموت بعد الولادة، وهي بهذا المعنى تؤلف المضغة غير المخلقة، أما الجزيء الرئيس من المضغة الذي يكون الجنين نفسه, فهو المضغفة المخلقة.