للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الواضح أن المتعلم الراشد يجب ألَّا يعتمد اعتمادًا كاملًا على حكم المعلم, وإنما يجب على المعلِّم أن يساعد المتعلِّم على معرفة طبيعة الأداء الصحيح, وعندئذ يمكن للمتعلِّم أن يتعرف بنفسه على ما إذا كان مصيبًا أو مخطئًا, ويجب أن نشير هنا إلى أن بعض المتعلمين الراشدين، بدون هذه الاستراتيجية، يصعب عليهم تعرف أنهم مخطئون, وحتى ولو أخبرهم المعلِّم بأن هناك خطأ فإنهم قد لا يستطيعون إدراك موضعه، كما لا يستطيعون التوقف عن إتيان أخطاء مماثلة عدة مرات بعد ذلك, إلّا أنه في كثيرٍ من الأحيان يكون المتعلمون الراشدون راغبين في تصحيح أخطائهم إذا سُمِحَ لهم بتحديدها, وإلّا فإن هذه الأخطاء سوف تعزز وتبقى وتستمر معهم لسنوات طويلة قادمة.

ومن العقيم أن يقوم معلم الراشدين بتصحيح أخطائهم بنفسه دون مشاركتهم هم أنفسهم في ذلك, إنه "أي المعلم" بالطبع يتقن أداء العمل, وهذا في ذاته لا يهم المتعلم؛ لأن الأهم عنده أن يكون هو "أي: المتعلم نفسه" قادرًا على أدائه صحيحًا, ولهذا فإن أفضل طريقة لتصحيح الخطأ أن يقوم المتعلم الراشد بأداء الاستجابة بنفسه, إن قيام المعلم وحده بهذه المهمة قد يرضي أقلية من الكسالى، أما معظم الدارسين فسوف يشعرون أنهم خُدِعُوا، وأن شخصًا آخر أكثر مهارة "هو المعلم" يؤدي الأجزاء الصعبة نيابةً عنهم, وهذا لا يغني بحالٍ عن شعورهم بالرضا, وإحساسهم بالإنجاز عند التعامل مع الأجزاء الصعبة بأنفسهم, ومحاولة أدائها على نحوٍ صحيح.

وقد لا تكون المشكلة في تعلُّم الراشدين في تصويب الأخطاء التي تحدث أثناء التعلُّم بقدر ما تكون أخطاء التعلُّم السابق وعاداته التي يحملونها معهم من الماضي، والتي تعوق تقدُّم المتعلم, ولهذا يجب الحذر دائمًا من الوقوع في أخطاء التعلم في الموقف الجديد, وعمومًا يجب أن ننبه أنه في التعلم بصفة عامة تصدق الحكمة القائلة "الوقاية خير من العلاج" فحالما يكتسب الخطأ يصعب علاجه ويصبح معوقًا للتعلم في المستقبل. والوقاية هنا تعني التأكد من أنه في المرحلة الأولى لأيّ معوقًا للتعلم في المستقبل, والوقاية هنا تعني التأكد من أنه في المرحلة الأولى لأيّ تعلم جديد يصدر الراشدون الاستجابة الصحيحة, وهذه المرحلة الأولى تبدو حاسمة بالفعل، فالأخطاء التي تصدر فيها, والتي تَمَّ اكتسابها يصعب زوالها أو محوها، وخاصةً إذا كانت هذه الاستجابة الخاطئة قد توصل إليها الراشد المتعلم بنفسه, ولا شكَّ أن من الأمور التي تتحدَّى ابتكارية معلمي الراشدين إعداد مواقف تعليمية تقلل على هؤلاء المتعلمين فرص الوقوع في أخطاء التعلم.

<<  <   >  >>