وتحسين مستواه بالنسبة للغربيين، أما سبب ذلك عندهم في النصف الثاني من القرن الماضي فكان التقدم في الرعاية الطبية، وقد شهد القرن العشرين خاصة تطورات هامة في مجال الطب, وخاصةً مع الإجراءات الوقائية كالتحصين ضد الأمراض المعدية، والطرق العلاجية؛ كالتطورِ في مجال الجراحة والعقاقير "وخاصةً اكتشاف المضادات الحيوية" على نحوٍ أدى إلى خفض معدَّلِ الوفيات "وخاصةً وفيات الأطفال"، فإذا أضنفا إلى ذلك زيادة الوعي لدى الإنسان -مع نهاية القرن الحالي, واستشراف أفاق القرن الحادي والعشرين القادم- من أن فهمنا لأسلوب حياتنا وطريقة عيشنا له أثر كبير في الصحة والمرض, وبالتالي في قصر العمر وطوله "بعد مشيئة الله تعالى" فإننا نتوقع أن يزداد متوسط مدى حياة الإنسان في المستقبل.
إلّا أن هذا القول ليس متماثلًا لدى الجميع, فمن حقائق الإحصاءات الحيوية في كثير من البلدان أن المرأة تعيش بصفة عامة أطول من الرجل، كما أن نسبة وفيات الإناث عند الميلاد أقل منها للذكور، وفي مختلف الأعمار توجد لدى النساء قدرة أكبر من الرجال على مقاومة المرض, كما أنهن أقلّ تعرضًا لمرض العصر القاتل وهو مرض القلب, إلّا أن هذه الميزة للنساء ليست كذلك في جميع المجتمعات؛ ففي بعضها نجد أن عدد المعمرين من النساء يكاد يتساوى مع عددهم من الرجال, وفي البعض الآخر قد يزيد عدد المعمرين من الرجال على النساء، إلّا أن من العوامل التي أدت إلى الصورة الراهنة، والتي وصفناها فيما سبق، أن الرجال أكثر تمسكًا بعادة التدخين، كما أن إدمان المخدرات والمسكرات أكثر شيوعًا بينهم، وكذلك فهم أكثر عرضة للحوادث القاتلة. وعلى الرغم من هذه العوامل الخارجية, فإن بعض الباحثين يرون أن النساء لديهن استعداد بيولوجي للعيش أطول من الرجال, وهم يستندون في ذلك إلى الحقيقة البيولوجية التي تؤكد أن إناث معظم الحيوانات أطول عمرًا من ذكورها, إلّا أن حياة الإنسان ليست محض حقائق بيولوجية, ولكنها ذات إطار اجتماعي وثقافي وتاريخي، ولعله الأهم والأخطر.
ويتضح ذلك مما تأكَّدَ من أن التغذية والرعاية الطبية لها أثر كبير في صحة الإنسان، وبالتالي في احتمال زيادة عمره, ولهذا فمن المعقول فهم ما يُوجَدُ من فروقٍ في هذا الصدد في المستويات الاقتصادية والاجتماعية، وبين الثقافات الفرعية داخل المجتمع الواحد، وبين الدول المتقدمة والدول النامية.
وبالطبع فإن ارتفاع متوسط مدى الحياة يؤدي بدوره إلى زيادة عدد المسنين