الإحصائية والتأملات النظرية والتراث الأدبي, بالإضافة إلى صيغة البحث العلمي.
وقد دفع هذا الكتاب الباحثين السيكولوجيين إلى الاهتمام بهذه المرحلة الختامية في حياة الإنسان, وقد تركزت البحوث المبكرة حول نموِّ النشاط العقلي, وكان ظهور اختبار ألفا الحربي أثناء الحرب العالمية الأولى فرصة لاستطلاع التغيرات التي تطرأ على ذكاء الراشدين "والتي تناولناها في الباب السابق, الذي يدور حول الرشد", كما اهتمت بحوث أخرى بالعلاقة بين المستوى التعليمي والمستوى الاقتصادي والاجتماعي, وبين نمو وتدهور الذكاء عبر مدى الحياة, ثم امتدت الاهتمامات إلى المهارات الحركية, ثم تقدمت البحوث خلال الحرب العالمية الثانية, وأسهم فيها بدور بارز مركز بحوث نافيليد بجامعة كبردج في بريطانيا، والتي امتدت إلى مرحلة الشيخوخة بالإضافة إلى أطوار الرشد المختلفة, كما أسس المعهد القومي للصحة بالولايات المتحدة عام ١٩٤٦ وحدةً لبحوث المسنين, إشراف ناثان شوك Nathan Shock, وفي نفس العام تأسست جمعية بحوث المسنين, وصدرت عنها أول مجلة متخصصة في هذا الميدان هي: Journal of Gerontology.
وقد اهتمَّت البحوث المبكرة حول الشيخوخة بالمشكلات العملية التي تدور حول رعاية هذه الفئة من الراشدين المتأخرين, وفي عام ١٩٤٨ نُشِرَ كتابٌ هامٌّ حول التوافق الاجتماعي للمسنين Social Adjustment in Old Age أعده مجلس بحوث العلوم الاجتماعية بالولايات المتحدة, وبصدوره اتسع نطاق الاهتمام, وامتدت البحوث إلى جميع جوانب عملية التقدم في السن "Binstock&Shanas,١٩٧٦" وأدى ذلك إلى تأسيس الاتحاد الدولي لعلم الإعمار lntetnational Association of Gerontology عام ١٩٥٠, ليجمع الباحثين في هذا الميدان من مختلف التخصصات.
إلّا أنه حتى عام ١٩٧٢, لم يكن هناك فرع لعلم النفس الكلينيكي يتخصص في مجال المسنين, والسبب الجوهري في ذلك أن أدوات التقويم النفسي الجوهرية لم تمتد بعينات تقنينها إلى ما بعد سن الخامسة والستين، ولعل أهم مظاهر ذلك النقص ما كان عليه عندئذ حال مقياس وكسلر كأداة لدراسة النشاط العقلي، واختبار رورشاخ, واختيار تفهم الموضوع, وكلاهما من الأساليب الإسقاطية الأساسية في دراسة الشخصية.