كما كان هناك مجال آخر في دراسة سيكولوجية المسنين لم يكن قد أحرز تقدمًا يذكر, وهو العلاج النفسي لهذه الفئة من الراشدين المتأخرين, فلم تكن هناك نظرية واحدة حول سيكولوجية التقدم في السن, ولعل من المهمِّ أن نشير هنا إلى أن فرويد نفسه رفض قبول المسنين كمرضى، وهو اتجاه لا يزال سائدًا لدى أصحاب التحليل النفسي حتى اليوم "Kermis, ١٩٨٤", ولعل النقص في وجود أساليب علاجية خاصة للمرضى المسنين كان له جوانبه الإيجابية والسلبية حينئذ, فمن الناحية السلبية قد يتضمن افتراض المعالج أن هؤلاء المرضى حالات مستعصية على الشفاء بأساليب العلاج النفسي، وبالتالي يمكن أن تُسْتَخْدَمُ معهم أساليب أخرى؛ كالعقاقير والصدمة الكهربائية, أو أن يودعوا في المؤسسات الخاصة بهم, أما من الناحية الإيجابية فقد دفع ذلك علماء النفس إلى البحث عن طرق بديلة -ذات طبيعة سيكولوجية أيضًا- عند فشل الأساليب المعتادة، وهذا ما سنتناوله بالتفصيل فيما بعد.
وهكذا شهدت عقود السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن العشرين اهتمامًا متزايدًا بسيكولوجية المسنين, ويوجد في مصر في الوقت الحاضر عدد من الأقسام والمراكز المتخصصة في دراسة الشيخوخة في عدد كبير من الجامعات "ومن ذلك قسم طب وصحة المسنين بجامعة عين شمس, ومركز الرعاية الصحية والاجتماعية للمسنين بجامعة حلوان", كما أن البحوث تجرى حاليًا في عدد كبير من البلدان وعلى نطاق أكثر اتساعًا, ولعل من مؤشرات هذا الاهتمام الكبير أنه يوجد الآن أكثر من ٣٠ مجلة متخصصة في هذا الميدان, كما أن أهم الأحداث المرتبطة بذلك تاسيس الاتحاد الدولي للصحة النفسية للمسنين lnternational Psychogeriatic Association عام ١٩٨٢, والذي عقد مؤتمره الأول بالقاهرة خلال الفترة من ٢٢-٢٥ نوفمبر ١٩٨٢.