وقد أشار القرآن الكريم إلى الأشد بمعنى الرشد في قوله تعالى:{وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}[الأنعام: ١٥٢] .
إلّا أن القرآن الكريم يحدد تحديدًا صريحًا في موضعٍ واحدٍ معنى الأشد بمعنى اكتمال الرشد؛ حيث يصبح في هذه الحالة طور المسئوليات الكبرى، بقول الله تعالى:{حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ}[الأحقاف: ١٥] .
ولعل هذا هو ما يشير إليه القرآن الكريم -والله أعلم- بمرحلة الكهولة, يقول الله تعالى:{وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ}[آل عمران: ٤٦] .
ويذكر القرطبي أن الكهولة فيها مجتمع الأشد، وهي سن التكليف بالمسئوليات الكبرى، فقد كُلِّفَ الرسل بحمل الرسالة في هذا السن.
ج- المرحلة الثالثة: الضعف والشيبة:
على الرغم من أن هذه المرحلة هي مرحلة ضعف، إلّا أنه ضعف مختلف عن الضعف الأول السابق على الرشد، فالقرآن الكريم يضيف إلى هذه المرحلة وصف "الشيبة", والتي تحمل معنى الخبرة والحكمة إلى جانب التقدم في السن.
ويقسِّم القرآن الكريم هذه المرحلة الكبرى إلى طورين هما:
١- مرحلة الشيخوخة: يقول الله تعالى: {ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا}[غافر: ٦٧] .
٢- مرحلة أرذل العمر "الهرم" يقول الله تعالى: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا}[الحج: ٥] .
ويذكر القرآن الكريم شواهد كثيرة على خصائص مرحلة "الضعف والشيبة".