للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بوجود نظامين معرفيين في هذه المهمة: أولهما يثبت ويستبعد المادة التي يتم تجهيزها إيجابيًّا، وثانيهما يخزن في ذاكرة المدى القصير الأرقام التي تعرض على الأذن الأخرى تخزينًا مؤقتًا حتى ينتهي النظام الأول من عمليات الإثبات والاستبعاد, ويهمنا أن نشير بالنسبة لهذا البحث أن الأشخاص الأكبر سنًّا شأنهم شأن الأصغر سنًّا, صدرت عنهم أخطاء في تكرار الأرقام واسترجاعها من نظام ذاكرة الأمد القصير، وكان عدد أخطائهم هذه أكبر مما صدر عن الأشخاص الأصغر سنًّا.

ومع التقدُّم في السن يظهر المسنون نقصانًا في إصدار وحدات المعلومات التي تبقى في مخزن هذا الذاكرة؛ فاستدعاء النصف الأول من مدى الأرقام المعروض على إحدى الأذنين ظلَّ ثابتًا تقريبًا عند مختلف الجماعات العمرية, ولكن لوحظ تدهور مع التقدّم في السن في عدد الأرقام التي يتم استدعاؤها في النمط الثاني من مدى هذه الأرقام, وكانت أعلى المجموعات في درجاتهم تلك التي تمتد أعمارها بين ٢١-٣٠ عامًا، بعدها ظهور تدهور ثابت نسبيًّا مع زيادة العمر, وهكذا يمكن أن نستنتج وجود تدهور في كفاءة ذاكرة الأمد القصير مع التقدم في السن.

ومع ذلك يمكن القول أنه وجد أن مدى الذاكرة "أي عدد وحدات المعلومات التي يستطيع الشخص تذكرها بالترتيب الصحيح" لا تتدهور عادةً مع العمر "Hartley, et al., ١٩٨٠" و" ١٩٧٧ Craik", ومعنى ذلك أن المسنين والراشدين الأصغر سنًّا قادرون على تذكُّر نفس العدد من العناصر, إلّا أن ذلك لا يحدث إلّا في الظروف العادية التي لا تفرض مطالب صعبة، أما إذا تطلَّبَ الأمر من المفحوص المسن مثلًا إعادة تنظيم المثير؛كأن يسترجع قائمة كلمات بالعكس، أو يوزع انتباهه بين المهمة التي يقوم بها ومهمة أخرى، فإن المسن يظهر في هذه الحالة نقصًا واضحًا في مدى الذاكرة في ذاكرة الأمد القصير.

وماذا عن ذاكرة الأمد الطويل؟

لقد لوحظ منذ وقت بعيد أن الراشدين المتقدمين في السن يميلون إلى أن ينشغلوا بمسائل الماضي أكثر من الحاضر أو المستقبل, وهذا التغيّر قد يكون أسلوبًا للتعامل مع نقائص ذاكرة الأمد القصير التي تجعل المسن يواجه صعوبات في التعامل مع الأحداث الراهنة, أما ذاكرة الأمد الطويل فإن المعلومات المختزنة فيها لا تتعرض للتضاؤل، وإن حدث فيكون بطيئًا جدًّا، والذي قد يختلف تبعًا لخصوبة شبكة العلاقات الترابطية التي توضع فيه المعلومات في هذه الذاكرة.

<<  <   >  >>