للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكلما كانت المعلومات ترتبط بخبراتٍ ذات معنًى كان تضاؤلها بطيئًا مع مرور الزمن.

ومن الدراسات الجيدة من الناحية المنهجية حول ذاكرة الأمد الطويل عند المسنين, دراسة سمث عام ١٩٦٣, وفيها تحكَّمَت الباحثة في مستوى الأداء المبدئي, فقد أعادت اختبار عينة من المفحوصين سبق لهم أن تعلموا جميع الإجابات الصحيحة لأكثر من مائة سؤالٍ منذ ستين عامًا "أي: عام ١٩٠٠" مضت حين كانت أعمارهم أقل من ١٣سنة, وقد أُعِيدَ اختبار هؤلاء في نفس الأسئلة في أعوام ١٩٣٤، ١٩٥٠، ١٩٦٠. وأظهرت النتائج وجود فَقْدٍ ضئيل بين عامي ١٩٣٤، ١٩٥٠، ثم ظهر هبوط حادٍّ في الاستدعاء عام ١٩٦٠. ففي عام ١٩٣٤ تذكروا أو احتاجوا إلى تلميح واحد للوصول إلى استدعاء ٩٨ إجابة استدعاء صحيحًا من بين ١٠٧ إجابات، وفي عام ١٩٥٠ استدعى هؤلاء ٩٢ إجابة منها، أما في عام ١٩٦٠ فلم يتتذكروا إلّا ٧٣ إجابة فقط, وهكذا نجد أنه بين العمرين ٦٣، ٧٣ عامًا ينسى الأفراد أكثر بكثير مما ينسونه في الفترة بين العمرين ٤٧، ٦٣ عامًا.

ويرى بعض العلماء وعلى رأسهم فولدز ورافن ما أشرنا إليه من قبل من أن بطء تدهور قدرات الذكاء المتبلور بمقارنتها بقدرات الذكاء السائل إنما يرتبط في جوهره بمسألة ذاكرة الأمد الطويل وعلاقتها بالعمر. فقد وجدوا أن درجات اختبار المفردات "وهو من مقاييس الذكاء المتبلور" لا تظهر تدهورًا يذكر مع التقدم في السن، بينما درجات المصفوفات المتتابعة "وهو من مقاييس الذكاء السائل" يظهر تدهورًا حادًّا, وبالطبع يمكننا أن نفترض -وهو افتراض صحيح- أن معرفة معاني الكلمات تتراكم وتتزايد مع التقدم في العمر عامًا بعد عام، وبالتالي تكون مقياسًا لذاكرة الأمد الطويل أكثر من المصفوفات المتتابعة, وفي هذا برهان إضافي يدعم قولنا أن ذاكرة الأمد الطويل لا تظهر تدهورًا خطيرًا مع التقدم في السن -في ضوء الأدلة المتاحة حتى الآن- وهذا على عكس ما أكدته البحوث بالنسبة لذاكرة الأمد القصير.

وأكدت البحوث أيضًا أن ذاكرة الأمد الطويل قد تتدهور حين يتعرض المسن لمشكلات بالنسبة إليها، كأن يطلب من المسن تذكر مواد لم تعد موضوع التداعي النشط في الذاكرة, أو لم تعد في بؤرة الانتباه. إن هذا النقص حينئذٍ يرتبط بمكونات ثلاثة في الذاكرة هي: تسجيل المعلومات، وتخزين المعلومات، واسترجاع المعلومات, وفي كل من هذه المجالات تتراكم أدلة تدل على أن المسن أقل كفاءة بالمقارنة بالراشد الأصغر سنًّا. "Craik, ١٩٧٧" "Hartley, et al"

<<  <   >  >>