٣- التعقد في نظم الإدارة الصناعية والحكومية الحديثة, وغلبة الطابع البيروقراطي على كثيرٍ منها أدى إلى سيطرة القواعد والنظم الجامدة التي تركز على الإنتاجية ومصلحة العمل, والتي لا تضع في الاعتبار -في الأغلب- الجوانب الإنسانية, صحيح أن هذه النظم ساعدت على رفع إنتاجية المؤسسات إلّا أنها أغفلت الاهتمام بالإنسان.
٤- ظهور نظام التأمينات الاجتماعية والمعاشات هيأ أساسًا اقتصاديًّا وماديًّا لتقاعد العمال المتقدمين في السن، وفي ضوئه تحدد سن الستين أو الخامسة والستين كعمرٍ مناسب للتخلي عن العمل والانسحاب من القوى العاملة.
ويبدو لنا أن اختيار سن ٦٠ أو ٦٥ هو محض قرار اعتباطي، وليس له علاقة مباشرة بعملية التقدم في السن أو الشيخوخة, إلّا أنه مع شيوع استخدامه في معظم المجتمعات المعاصرة، وطول استخدامه لأكثر من نصف قرن حتى الآن على أن المحك الذي يحدد أحقية المواطن في المعاش أدّى تدريجيًّا إلى قبوله على أنه "الباب الرسمي" لدخول العمر الثالث للإنسان, ومن الطريف أن نشير هنا إلى أن أول تحديد لسن التقاعد في العصر الحديث حدده القانون الألماني عام ١٨٩١ بسن السبعين، وفي عام ١٩٠٠ كان حوالي ٧٠% من الأمريكين الذكور الذين تجاوزت أعمارهم ٦٥ عامًا كانوا لا يزالون يعملون إلّا أن القانون في المجتمعات الغربية حدده منذ عام ١٩٣٥ حدده بسن ٦٥ عامًا، ونتيجة لذلك تناقصت نسبة العاملين بعد هذا السن، فبلغت في الولايات المتحدة في أعوام ١٩٦٠، ١٩٧٥، ١٩٨٦ على التوالي ٣٥%، ٢٢%، ١٦% "Fowles, ١٩٨٧", على الرغم من صدور قانون في عام ١٩٨٧ بمد سن التقاعد إلى سن السبعين, ومع ذلك فإن بعض الباحثين يرون أنه لو حسبت العلاقة بين سن المعاش ومتوسط طول العمر الآن "كما حدث في عام ١٩٣٥ حيث تحدد في ضوئها سن المعاش الحالي في الولايات المتحدة وهو ٦٥ عامًا" فإن الأصح في رأيهم أن يعمل الأمريكي اليوم حتى يبلغ سن الثمانين.
وفي مصر "ومعظم الأقطار العربية والإسلامية" فإن سن التقاعد الرسمي هو٦٠ عامًا, ويستثنى من ذلك بعض الفئات، فقد يزيد عن ذلك بالنسبة لبعض الفئات كخريجي المدارس والمعاهد والكليات الأزهرية، وبعض الفئات المهنية؛ حيث يبلغ سن التقاعد عندهم ٦٥ عامًا, وقد يقل عن ذلك بالنسبة لفئات أخرى كضابط القوات المسلحة؛ حيث يتقاعد بعضهم في الأربعينات أو الخمسينات من