العمل أو الرغبة فيه؛ فتحديد أيّ سن للتقاعد -يزيد أو ينقص من ٦٠ عامًا- هو اختراع يسمح للحكومة وأصحاب الأعمال أن يتحللوا من مسئولياتهم إزاء المسنين ذوي الأجور العالية نسبيًّا، وبهذا تتاح الفرص للشباب بدخول ميدان العمل والتقدم في سلمه الهرمي.
التمييز المهني على أساس العمر:
يعتقد معظم الناس -ومنهم كثير من المسنين- أن الإنسان بعد بلوغه سن معين يصبح أقل كفاءة, وأصعب تكيفًا, وأقل يقظة ومرونة, وأكثر بطأً, وأضعف صحة, وهي جميعًا من محددات نقص الكفاية المهنية. ومن الطريف أنه على الرغم من هذه الصورة المتشائمة لدى المسنين بالنسبة لقدرتهم على العمل, يعبر الشباب عن صورة مختلفة لهم بالنسبة للسمات العامة؛ فالمسنون -عند الشباب- أكثر حكمة وأكثر رحمة ومودة "Perlmutter & Hall, ١٩٨٥". وبالطبع فإن الصورة السلبية عن قدرات المسنين على العمل هي الأكثر شيوعًا, وخاصةً لدى المسئولين عن القوى العاملة في المجتمع؛ فعند الموازنة بين الصغار والكبار في السن يعين الصغار، ويعزل العامل المتقدم في السن إذا أصبحت مهاراته لا تتواءم مع التقدم التكنولوجي، ويبقى الأصغر سنًّا لسهولة إعادة تدريبه، والمسن هو أول من يترك العمل وآخر من يُعَيِّنُ, وحين يجد المسن عملًا آخر بعد ترك عمله الأصلي فعادةً ما يكون أدنى مكانةً وأقل أجرًا, والمسنون أيضًا يتم تجاوزهم عند الترقية، وهم أقل الفئات فيما يتاح لهم من فرص التعليم وإعادة التدريب لرفع مهاراتهم المهنية, بل إن الدراسات المقارنة بين أجور المسنين وغيرهم, وجدت أنه بعد تصحيح أثر التعليم والتدريب المهني والخبرة والعمل والمستوى الصحي, فإن أجور المسنين أكثر انخفاضًا, فبسبب أجورهم المرتفعة نسبيًّا لا تزيد أجورهم بنفس معدل زيادة أجور ومكأفات من هم أصغر سنًّا, وخاصةً حين تتحدد حدود قصوى لهذه الزيادات والمكأفات.
هل هناك سبب واضح لهذا التمييز المهني على أساس العمر؟
بالطبع إذا كان العمال الأكبر سنًّا أقل إنتاجية ممن هم أصغر سنًّا, فإن عمل المسنين يصبح مكلفًا دون شك, إلّا أنه لا تتوافر بحوث تثبت ذلك, وإنما العكس هو الصحيح, فأغلب الدراسات التي أجريت حول الإنتاجية -سواء قيست بالمخرجات أو المبيعات- تؤكد عدم وجود فروق بين المجموعتين، وإن وجد بعض الهبوط في إنتاجية المسنين فهو هبوط طفيف قد لا يعتمد به Foner" "Schabwab ١٩٨١" بل إن بعض هذه البحوث تثبت أن إنتاجية العمال المسنين