للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتركون في الأغلب وحدهم, إلّا أن حقيقة الأمر أن المسنين ليسوا منعزلين أو منبوذين؛ فمعظمهم يفضل العيش مستقلًّا مع المشاركة النشطة في حياة الأسرة, ففي دراسة "Troll, ١٩٧١" وُجِدَ أن حوالي ثلث المفحوصين الذين تجازوا سن الخامسة والستين يعيشون مع أولادهم, وهؤلاء يميلون إلى الانتقال إلى "العش الخالي" في بيوت أبنائهم الذين بلغوا أنفسهم طور منتصف العمر؛ حيث يصبح البيت لجيلين من الراشدين، أحدهما جيل الأبناء في منتصف العمر, والثاني جيل الآباء المسنين, والبعض الآخر من المسنين يعيش قريبًا من بيوت أبنائهم, ففي المجتمع الصناعي الحديث يؤلف كل جيل أسرته النووية, ويعيش الأغلب في نفس الحي "Shanas, et al., ١٩٦٨", وعمومًا فإن علاقة المسنين بأولادهم تستقر على ذلك النمط الذي كان سائدًا بينهم حين كانوا هم "أي: المسنين" في منتصف العمر, وأبناؤهم في طور الرشد المبكر أو الشباب, ونظرًا لأن التصادم بين الأمهات والأبناء أكثر حدوثًا في هذا الطور المبكر، وخاصةً بعد زواج الأبناء وما يترتب عليه من علاقات جديدة بين المرء وزوجه "فؤاد البهي السيد ١٩٧٥" فإن هذا التوتر قد يظلّ مستمرًّا حتى مرحلة شيخوخة الأمهات، وقد يخفف التقدم في السن بعض حدته.

ويعتمد المسنون اعتمادًا كبيرًا على أبنائهم عند المرض, وفي الأغلب يستجيب الأبناء لظروف آبائهم استجابةً فورية "Sussman, ١٩٦٠, ١٩٦٥", فعمظم الراشدين لديهم الرغبة في معاونة آبائهم المسنين, ومع ذلك فإن هؤلاء المسنين يظلون لفترةٍ طويلةٍ غير معتمدين على أبنائهم ماليًّا أو انفعاليًّا. وعادةً ما تظل العلاقة -حتى بلوغ طور أرذل العمر- علاقة أخذ وعطاء في الخدمات المادية والدعم الانفعالي, بل إن نسبة المسنين الذين يبذلون المساعدة لأبنائهم تفوق نسبة الذين يتلقون هذه المساعدة من هؤلاء الأبناء "Riley, et al., ١٩٦٨", ويمكن لهذا النمط من التفاعل أن يستمر حتى يصل الوالدان إلى طور التدهور الكلي "أرذل العمر" الذي سنتناوله في الفصل التالي.

وفي مرحلة الشيخوخة لم يعد الأحفاد أطفالًا أو صبيةً, وإنما قد يكونون مراهقين أو شبابًا، بل ربما يكونون في مطلع الرشد, ومع امتداد متوسط الأعمار يصل بعض الناس الآن إلى مرحلة متقدمة في السن وهم في صحة جيدة وحيوية ظاهرة, وهو ما لم يكن يحدث من قبل، وهذا كله يوحي بأن يزداد أثر الأجداد في أعضاء الأسرة الأصغر سنًّا, وتقوم الجدة خاصةً بعلاقة مؤثرة في أحفادها "Troll ١٩٨٣", وقد يرجع ذلك إلى السبب الواضح وهو أنها تعيش أطول من

<<  <   >  >>