الجد الرجل, وهذا لا يعني إنكار دور الجد الرجل الذي يتعامل معه الجميع على أنه مستودع الخبرة والحكمة للأسرة -كما أشرنا من قبل- والذي يؤثر على وجه الخصوص في الأحفاد الذكور "Hagestad, ١٩٧٨".
ويختلف الأجداد اختلافًا كبيرًا في درجة اندماجهم في حياة أحفادهم؛ فبعضهم يندمج بعمقٍ، والبعض الآخر يبدو غير مهتمٍّ تمامًا بأحفاده, وقد بينا عند تناول طور وسط العمر كيف أن الأجداد يلعبون دورًا هامًّا في حياة أحفادهم من حيث رفاهيتهم وتوافقهم في وحدة الأسرة المؤلفة من الابن الراشد والحفيد الصغير "Troll, ١٩٨٣", ومن الطريف -مع ذلك- أن نشير إلى هذه النتيجة التي أكدتها عدة بحوث من أن رفاهية ومعنويات الأجداد لا ترتبط فقط بمقدار الصلة التي تربطهم بأحفادهم، فالرضا عن الحياة في مرحلة الشيخوخة يرتبط أيضًا بأنماط الصداقة، والنمط الزواجي على نحوٍ قد يفوق دور الجد الذي يقوم به المسن "Brodinsky, et al., ١٩٨٦".
وعادةً ما يدرك الأجداد والأحفاد -سواء كانوا من المراهقين أو الراشدين- الطرق التي يحاول بها كلٌّ منهما التأثير في الآخر, وغالبًا ما يكون هذا التأثير ناجحًا, وخاصةً في بعض المجالات التي تسميها "Hagestad, ١٩٧٨"، المناطق المنزوعة السلاح", والتي لا يجوز الاقتراب منها بين الأباء والأبناء, وتعنى بها تلك المجالات الحساسة كالحب والدين, فعلاقة الشيخ بأحفاده وأسباطه "وهم أبناء الأحفاد" فد تفوق علاقته بأولاده, فيلجأون إليه ليحميهم من ثورة الأب والأم وغضبهما, وهو بالنسبة لهم ملتقى القوى التي تموج في حياة الأسرة, وإليه يهرعون في أزمانهم ومشكلاتهم, ويعبِّر عن ذلك كله فؤاد البهي السيد "١٩٧٥: ٤٥٩" بقوله: "وهكذا ينشأ نوع غريب من الصداقة بين جيلين مختلفين، جيل يقبل على الحياة، وهو لا يدري ماذا يُخَبَّأُ له، وجيل يودعها بعد أن ابتلي بشرها ونعم بخيرها", وبالطبع فإن هذه العلاقة في المجتمعات الريفية البسيطة أقوى منها في المجتمعات الحضرية الصناعية, وذلك لوثوق الصلة بين الأجيال، والتفاعل بينها وجهًا لوجهٍ معظم الوقت, وهو ما لا يتوافر في المدينة.
وتنعكس آثار هذه العلاقة على الجيل الأوسط، أي: جيل الآباء والأمهات؛ فعندما يعامل الوالد ابنه قسوةً، يعارضه الجد ويدافع عن الحفيد, بل إن الجد قد ينتقد كثيرًا طريقة ابنه في تربية الأحفاد, وتكون استجابة الجيل الأوسط لذلك رفض تدخل الجد في تنشئة الأبناء, وقد يتطور الأمر أكثر من ذلك فيعتبر الجد المسن نقد ابنه له تقليلًا من شأنه، وعقوقًا له وحجرًا على حقِّه في حماية الأحفاد