جعفر قال: سمعت مالك بن دينار يقول: ينطلق أحدكم فيتزوج ديباجة الحرم، يعني أجمل الناس، أو ينطلق إلى جارية قد سمنها أبوها كأنها زبدة، فيتزوجها فتأخذ بقلبه فيقول لها: أي شيء تريدين؟ فتقول: خمار خز، وأي شيء تريدين؟ فتقول كذا وكذا.
قال مالك: فتمرط والله دين ذلك القارئ ويدع أن يتزوجها يتيمة ضعيفة فيكسوها فيؤجر ويدهنها فيؤجر.
قال: وسمعت مالكاً يقول: كان حبر من أحبار بني إسرائيل قال: فرأى بعض بنيه يوماً غمز النساء، فقال: مهلاً يا بني. قال: فسقط من سريره، فانقطع نخاعه فأسقطت امرأته وقتل بنوه في الجيش، وأوحى الله تعالى إلى نبيهم أن أخبر فلاناً الحبر أني لا أخرج من صلبك صديقاً أبداً ما كان غضبك لي إلا أن قلت: مهلاً يا بني مهلاً.
رياح بن عمرو القيسي قال: سمعت مالك بن دينار يقول: ما من أعمال البر شيء إلا دونه عقبة فإن صبر صاحبها أفضت به إلى روح، وإن جزع رجع.
عثمان بن إبراهيم قال: سمعت مالك بن دينار يقول لرجل من أصحابه: إني لأشتهي رغيفاً بلبن رائب. قال: فانطلق فجاء به قال: فجعله على الرغيف. فجعل مالك يقلبه وينظر إليه ثم قال: اشتهيتك منذ أربعين سنة فغلبتك حتى كان اليوم، وتريد أن تغلبني؟ إليك عني وأبى أن يأكله.
مسلم قال: قال مالك بن دينار: منذ عرفت الناس لم أفرح بمدحهم. ولم أكره مذمتهم. قيل: ولم ذاك؟ قال: لأن حامدهم مفرط وذامهم مفرط.
سلام بن أبي مطيع قال: دخلنا على مالك بن دينار ليلاً وهو في بيت بغير سراج وفي يده رغيف يكدمه. فقلنا له: أبا يحيى ألا سراج؟ ألا شيء تضع عليه خبزك؟ فقال: دعوني فوالله إني لنادم على ما مضى.
أبو حفص عمر بن أحمد قال: قال مالك بن دينار: مثل قراء هذا الزمان كمثل رجل نصب فخاً ونصب فيه برة فجاء عصفور فقال: ما غيبك في التراب؟ قال: التواضع. قال: لأي شيء انحنيت؟ قال: من طول العبادة. قال: فما هذه البرة المنصوبة فيك؟ قال: أعددتها للصائمين. فقال: نعم الجار أنت. فلما كان عند المغرب دنا العصفور ليأخذها فخنقه الفخ. فقال العصفور: إن كان العباد يخنقون خنقك فلا خير في العباد اليوم.