أحمد بن جميل المروزي قال: قيل لعبد الله بن المبارك: إن إسماعيل بن علية قد ولي الصدقات. فكتب إليه ابن المبارك:
يا جاعل العلم له بازيا ... يصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنونا بها بعد ما ... كنت دواء للمجانين
فصرت رواياتك في سردها ... عن ابن عون وابن سيرين؟
أين رواياتك والقول في ... لزوم أبواب السلاطين؟
إن قلت أكرهت فماذا كذا ... زل حمار العلم في الطين
فلما قرأ الكتاب بكى واستعفى.
محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت أبي يقول: كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو فيقولون: نصحبك يا أبا عبد الرحمن فيقول لهم: هاتوا نفقاتكم. فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ويقفل عليها ثم يكتري لهم ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام وأطيب الحلواء. ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي وأكمل مروءة، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا صاروا إلى المدينة قال لكل رجل منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة، من طرفها؟ فيقول: كذا. ثم يخرجهم إلى مكة فإذا وصلوا إلى مكة فقضوا حوائجهم قال لكل رجل منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا. فيشتري لهم ويخرجهم من مكة. فلا يزال ينفق عليهم حتى يصيروا إلى مكة فإذا وصلوا إلى مرو جصص أبوابهم ودورهم. فإذا كان بعد ثلاثة أيام صنع لهم وليمة وكساهم فإذا أكلوا وشربوا دعا بالصندوق ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته بعد أن كتب عليها اسمه.
قال أبي: أخبرني خادمه أنه عمل آخر سفرة سافرها دعوة فقدم إلى الناس خمسة وعشرين خواناً فالوذجاً.
قال: وبلغنا أنه قال للفضيل بن عياض: لولاك وأصحابك ما اتجرت.
قال أبي: وكان ينفق على الفقراء في كل سنة مائة ألف درهم.
محمد بن عيسى قال: كان عبد الله بن المبارك كثير الاختلاف إلى طرسوس، وكان ينزل