القتار، فدخل إلى زقاق فسمعته يقول: تقرب المتقربون بقربانهم وأنا أتقرب إليك بطول حزني يا محبوب، كم تتركني في أزقة الدنيا محبوساً؟ ثم غشي عليه وحمل فدفناه بعد ثلاث.
إسماعيل بن هشام، عن بعض أصحاب فتح الموصلي قال: دخلت عليه يوماً وقد مد كفيه يبكي، حتى رأيت الدموع من بين أصابعه تنحدر. فدنوت منه لأنظر إليه فإذا دموعه قد خالطتها صفرة. فقلت: بالله يا فتح بكيت الدم؟ فقال: لولا أنك حلفتني بالله عز وجل ما أخبرتك، بكيت دماً. فقلت: على ماذا بكيت الدموع؟ وعلى ماذا بكيت الدم؟ فقال: بكيت الدموع على تخلفي عن واجب حق الله عز وجل، وبكيت الدم على الدموع خوفاً أن تكون ما صحت لي الدموع.
قال الرجل: فرأيت فتحاً بعد موته في المنام. فقلت: ما صنع الله بك؟ فقال غفر لي، قلت: فما صنع في دموعك؟ فقال: قربني ربي عز وجل وقال لي: يا فتح؛ الدمع على ماذا؟ قلت: يا رب على تخلفي عن واجب حقك. قال: فالدم لم بكيت؟ فقلت: يا رب على دموعي خوفاً أن لا تصح لي فقال لي: يا فتح ما أردت بهذا كله؟ وعزتي لقد صعد إلي حافظاك أربعين سنة بصحيفتك ما فيها خطيئة.
أدرك فتح عيسى بن يونس وأقرانه وأسند عن عيسى وتوفي سنة عشرين ومائتين.