عثمان بن عمارة قال: غبت غيبة فلما قدمت لقيت فتحاً الموصلي في حانوت سالم الدورقي. فقال لي: يا بصري أي شيء رأيت في غيبتك؟ فقلت: رأيت عجائب كثيرة وأخباراً مختلفة. فصاح صيحة. فقلت: أنت تصيح من الخبز، فكيف لو شاهدت القيامة أو شاهدت صاحب القيامة؟ فشهق شهقة ووثب من الحانوت فخر مغشياً عليه فحملناه فأدخلناه الحانوت فما زال مغشياً عليه إلى العصر، فلما صليت العصر تنفس ثم فتح عينيه.
رياح بن الجراح العبدي قال: جاء فتح الموصلي إلى منزل صديق له يقال له عيسى التمار فلم يجده في المنزل، فقال للخادمة: أخرجي إلى كيس أخي، فأخرجته فأخذ منه درهمين، وجاء عيسى إلى منزله فأخبرته الجارية بمجيء فتح وأخذه الدرهمين فقال: إن كنت صادقة فأنت حرة. فنظر فإذا هي مصادفة فعتقت.
محمد بن عبد الرحمن بن حبيب الطفاوي قال: دخلت على فتح الموصلي وهو يوقد بالآجر. وكان فتح رجلاً من العرب، وكان شريفاً زاهداً.
عبد الله بن الفرج العابد قال: كان بالموصل رجل نصراني يكنى أبا إسماعيل.
قال: فمر ذات ليلة برجل وهو يتهجد على سطحه وهو يقرأ: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} آل عمران قال: فصرخ أبو إسماعيل صرخة غشي عليه فلم يزل على حاله تلك حتى أصبح فلما أصبح أسلم ثم أتى فتحاً الموصلي فاستأذنه في صحبته فكان يصحبه ويخدمه.
قال: وبكى أبو إسماعيل حتى ذهبت إحدى عينيه وعشي من الأخرى، فقلت له ذات يوم: حدثني ببعض أمر فتح الموصلي، قال فبكى ثم قال: أخبرك عنه: كان والله كهيئة الروحانيين، معلق القلب بما هناك، ليست له في الدنيا راحة. قلت: على ذاك قال: شهدت العيد ذات يوم بالموصل ورجع بعد ما تفرق الناس ورجعت معه فنظر إلى الدخان يفور من نواحي المدينة فبكى ثم قال: قد قرب الناس قربانهم، فليت شعري ما فعلت في قرباني عندك أيها المحبوب؟ ثم سقط مغشياً عليه.
فجئت بماء فمسحت به وجهه، فأفاق ثم مضى حتى دخل بعض أزقة المدينة رفع رأسه إلى السماء ثم قال: قد علمت طول غمي وحزني وتردادي في أزقة الدنيا، فحتى متى تحبس أيها المحبوب؟ ثم سقط مغشياً عليه فجئت بماء فمسحت على وجهه فأفاق. فما عاش بعد ذلك إلا أياماً حتى مات رحمه الله.
إبراهيم بن موسى قال: رأيت فتحاً الموصلي في يوم عيد أضحى وقد شم ريح