قال: وقلت لأبي سليمان: سهرت ليلة في ذكر النساء إلى الصباح. قال: فتغير وجهه وغضب علي وقال: ويحك أما استحييت منه؟ يراك ساهراً في ذكر النساء؟ ولكن كيف تستحيي ممن لا تعرف.
قال: وسمعت أبا سليمان يقول: إذا لذت لك القراءة فلا تركع ولا تسجد، وإذا لذ لك السجود فلا تركع ولا تقرأ، الزم الأمر الذي يفتح لك فيه.
وسمعت أبا سليمان يقول: من كان يومه مثل أمس فهو في نقصان وسمعت أبا سليمان يقول: ما أتي من إبليس وقارون وبلعم إلا أن أصل نياتهم غش فرجعوا إلى الغش الذي في قلوبهم، والله أكرم من أن يمن على عبد بصدق ثم يسلبه إياه.
أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: إذا ذكرت الخطيئة لم أحب الموت وقلت: أبقى لعلي أتوب.
أبو عمران، موسى بن عيسى الجصاص قال: قال أبو سليمان رد سبيل العجب بمعرفة النفس، وتخلص إلى إجمام القلب بقلة الخلطاء، وتعرض لرقة القلب بمجالسة أهل الخوف، واستجلب نور القلب بدوام الحزن، والتمس باب الحزن بدوام الفكرة، والتمس وجوه الفكرة في الخلوات، وتحرز من إبليس بمخالفة هواك، وتزين الله بالإخلاص والصدق في الأعمال، وتعرض للعفو بالحياء منه والمراقبة، واستجلب زيادة النعم بالشكر، واستدم النعم بخوف زوالها، ولا عمل كطلب السلامة، ولا سلامة كسلامة القلب، ولا عقل كمخالفة الهوى، ولا فقر كفقر القلب، ولا غنى كغنى النفس، ولا قوة كرد الغضب، ولا نور كنور اليقين، ولا يقين كاستصغار الدنيا، ولا معرفة كمعرفة النفس، ولا نعمة كالعافية من الذنوب، ولا عافية كمساعدة التوفيق، ولا زهد كقصر الأمل، ولا حرص كالمنافسة في الدرجات، ولا طاعة كأداء الفرائض، ولا تقوى كاجتناب المحارم، ولا عدم كعدم العقل، ولا فضيلة كالجهاد، ولا جهاد كمجاهدة النفس، ولا ذل كالطمع، ومن لم يحسن رعاية نفسه أسرع به هواه إلى الهلكة، ولا ينفع الهالك نجاة المعصوم، ومرارة التقوى اليوم حلاوة في ذلك اليوم، والهالك من هلك في آخر سفره وقد قارب المنزل، والخاسر من أبدى للناس صالح عمله وبارز بالقبيح من هو أقرب إليه من حبل الوريد.
أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول: وسأله رجل فقال: يا أبا سليمان