وسمعت أبا سليمان يقول: أقمت عشرين سنة لم أحتلم. فدخلت مكة فأحدثت بها حدثاً، فما أصبحت حتى احتلمت. فقلت له: فأي شيء كان ذلك الحدث؟ قال: تركت صلاة العشاء في المسجد الحرام في الجماعة، والاحتلام عقوبة.
وسمعته يقول: حيل بيني وبين قيام الليل - قال أحمد: كان الذكر يغلب عليه - وإني لأمرض فأعرف الذنب الذي أمرض به.
وسمعته يقول: ما حجوا ولا رابطوا ولا جاهدوا إلا فراراً من البيت، وما يرون ما تقر به أعينهم إلا في البيت.
أحمد بن أبي الحواري قال: قال أبو سليمان: لو اجتمع الخلق جميعاً على أن يضعوني كاتضاعي عند نفسي ما قدروا على ذلك.
أحمد بن أبي الحواري قال: قال أبو سليمان الداراني: من صفي صفي له ومن كدر كدر عليه.
أخبرنا ابن ناصر قال: أنبأ علي بن خلف قال: أنبأ أبو عبد الرحمن السلمي قال: أنبأ عبد الله بن محمد الرازي قال أنبأ إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان الأنماطي. قال: سمعت أبا سليمان يقول: من أحسن في نهاره كوفئ في ليله، ومن أحسن في ليله كوفئ في نهاره، ومن صدق في ترك الشهوة ذهب الله بها من قلبه، والله أكرم من أن يعذب قلباً بشهوة تركت له.
الجنيد قال: قال أبو سليمان الداراني: ربما يقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياماً فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين: الكتاب والسنة.
أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول: وقد دخلت عليه وهو يبكي، فقلت له: ما يبكيك؟ فقال لي: يا أحمد ولم لا أبكي، وإذا جن الليل ونامت العيون، وخلا كل حبيب بحبيبه، وافترش أهل المحبة أقدامهم، وجرت دموعهم على خدودهم، وقطرت في محاريبهم، أشرف الجليل سبحانه، فنادى جبريل عليه السلام بعيني من تلذذ بكلامي، فلم لا ينادي فيهم ما هذا البكاء؟ هل رأيتم حبيباً يعذب أحبابه؟ أم كيف يجمل بي أن أعذب قوماً إذا جنهم الليل تملقوني، فبي حلفت إذا وردوا علي القيام لأكشفن لهم عن وجهي الكريم حتى ينظروا إلي وأنظر إليهم.
أحمد بن أبي الحواري قال: قال لي أبو سليمان: ليس العبادة عندنا أن تصف قدميك وغيرك يفت لك، ولكن ابدأ برغيفيك فأحرزهما ثم تعبد، ولا خير في قلب يتوقع قرع الباب يتوقع إنساناً يجيئه يعطيه شيئاً.