أبو عبد الرحمن المغازلي قال: دخلت على رجل مبتلى بالحجاز فقلت: كيف تجدك؟ قال: أجد عافيته أكثر مما ابتلاني به، وأجد نعمه علي أكثر من أن أحصيها. قلت: أتجد لما أنت فيه ألماً شديداً؟ فبكى ثم قال: سلي نفسي ألم ما بي: ما وعد عليه سيدي أهل الصبر من كمال الأجور في شدة يوم عسير. قال: ثم غشي عليه. فمكث ملياً ثم أفاق فقال: إني لأحسب أن لأهل الصبر غداً في القيامة مقاماً شريفاً لا يتقدمه من ثواب الأعمال شيء، إلا ما كان من الرضا عن الله تعالى.
٩٢٥ - عابد آخر
الخلدي قال: خرجت سنة من السنين إلى البادية فبقيت أربعة وعشرين يوماً لم أطعم فيها طعاماً، فلما كان بعد ذلك رأيت كوخاً وفيه غلام فقصدت الكوخ فرأيت الغلام قائماً يصلي فقلت في نفسي: بالعشي يجيء إلى هذا طعام فآكل معه. فبقيت تلك الليلة والغد وبعد غد، ثلاثة أيام لم يجئه أحد بطعام ولا رأيت أحداً. فقلت: هذا شيطان ليس هذا من الناس. فتركته وانصرفت. فلما كان بعد أشهر، أنا قاعد في منزلي إذا داق يدق الباب. قلت: من هذا؟ أدخل، فدخل الغلام وقال لي: يا جعفر أنت كما سميت، جاع فر.