للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثب قائماً على قدميه ونادى بأعلى صوته: ذهب الليل بما فيه، وأقبل النهار بدواهيه ولم أقض من خدمتك وطراً، آه، خسر من أتعب، لغيرك بدنه، وألجأ إلى سواك هممه. فلما أراد أن يمضي ناديته: بالذي منحك لذيذ الرغب وأذهب عنك ملال التعب إلا خفضت لي جناح الرحمة فإني غريب أريد البيت الحرام وقد ضللت. فقال: يا بطال وهل قطع بوفده دون البلوغ إليه؟ ثم قال: اتبعني فرأيت الأرض تطوى من تحت أرجلنا حتى رأيت المحجة وسمعت ضجة فقال: ها قومك. ثم أنشأ يقول:

من عامل الله بتقواه ... وكان في الخلوة يرعاه

سقاه كأساً من صفا حبه ... يسلبه لذة دنياه

فأبعد الخلق وأقصاهم ... وانفرد العبد بمولاه

ومن المصطفين الذين لقوا عند الإحرام:

٩٥٦ - عابد

عبد الله بن الجلاء قال: كنت بذي الحليفة وأنا أريد الحج والناس يحرمون، فرأيت شاباً قد صب عليه الماء يريد الإحرام وأنا أنظر إليه. فقال: يا رب أريد أن أقول: لبيك اللهم لبيك، وأخشى أن تجيبني لا لبيك ولا سعديك.

وبقي يردد هذا القول مراراً كثيراً وأنا أتسمع عليه. فلما أكثر قلت له: ليس لك بد من الإحرام فقل فقال: يا شيخ أخشى إن قلت لبيك اللهم لبيك أجابني بلا لبيك ولا سعديك. فقلت له: أحسن ظنك وقل معي: لبيك اللهم لبيك. فقال: لبيك اللهم. وطولها، وخرجت نفسه مع قوله اللهم، فسقط ميتاً.

ذكر المصطفين من العباد الذين لقوا بعرفة:

٩٥٧ - عابدان

عن ثابت البناني قال: إنا لوقوف بجبل عرفة فإذا شابان عليهما العباء القطواني، نادى أحدهما صاحبه: يا حبيب، فأجابه الآخر: لبيك أيها المحب. قال ترى الذي تحاببنا فيه وتواددنا فيه معذبنا غداً في القيامة: قال: فسمعنا منادياً، سمعته الآذان ولم تره الأعين، يقول: لا، ليس بفاعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>